[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
المضايق والقنوات الملاحية
المضيق عبارة عن ممر بحري يصل بين مسطحين مائيين ويفصل جزئين من اليابس أو أكثر عن بعضهما. وقد يقل عرض المضيق ليصل إلى بضعة مئات من الأمتار مثل المضايق التركية بالقرب من استنبول. وقد يتسع عرضه ليصل إلى 32 كيلومتراً أو أكثر مثل مضيق دوفر بين بريطانيا وفرنسا، ومضيق بهرنج بين روسيا والولايات المتحدة، وتنطبق القواعد الخاصة بالمياه الإقليمية والدولية على المضايق، فإذا كان عرض المضيق أكثر من ستة أميال (حوالي 10 كيلومترات) تصبح نصف هذه المسافة موزعة على جانبيه مياهاً إقليمية، والشـقة المائية في وسطه تصبح مياهاً دولية، أمّا لو كان عرض المضيق ثلاثة أميال (حوالي خمسة كيلومترات) فإنه يصبح مياهاً إقليمية صرفه، ويصبح للدول المحيطة به حق السيطرة عليه ويحدد نصيب كل منها من المضيق بخط يمر في وسطه.
وتؤدي المضايق إلى تقصير المسافات بين الدول. وقد كانت معظم المضايق في وقت ما مراكز كبيرة لمرور التجارة العالمية، مع أنها قد لا تؤدي هذه الوظيفة في الوقت الحاضر، ومثال ذلك، لا يمر بمضيق ماجلان ومضيق بهرنج سوى عدد قليل من السفن. وعلى سبيل المثال كان لمضيق مجلان أهمية كبيرة لمرور التجارة العالمية قبل شق قناة بنما سنة 1914، . إلاّ أن أهميته تضاءلت بعد هذه السنة بسبب إنشاء قناة بنما. وعلى الرغم من ذلك مازالت إنجلترا تحتل جزيرة فوكلاند المشرفة عليه، وبسببها دارت الحرب بين إنجلترا والأرجنتين سنة 1982. في حين مازالت مضايق الدانمارك، وجبل طارق، وباب المندب، وهرمز، ودوفر، وملقا محتفظة بأهميتها التجارية الكبيرة. ونظراً للأهمية التجارية والبحرية والإستراتيجية لبعض المضايق فإن القوى العالمية تبذل ما في وسعها لتحول دون وقوع هذه المضايق كلياً أو جزئياً تحت سيطرة دولة معادية، وبالتالي تعمل على بقاء الطرق البحرية مفتوحة ومؤمنة لسفنها. ومن أفضل الأمثلة على ذلك سيطرة بريطانيا على مضيق جبل طارق، وفوكلاند، وملقا، وباب المندب، نظراً لأهميتها الإستراتيجية لتأمين مرور السفن البريطانية. وقد انتهت سيطرة إنجلترا على مضايق العالم لكنها ما زالت تحتل مضيق جبل طارق.
أ. مضيق جبل طارق
يصل مضيق جبل طارق بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ويفصل بين جنوب أسبانيا وشمال غرب إفريقيا، ويصل عرضه في أضيق نقطة إلى 13.8 كم ويدل هذا على وجود ممر من المياه الدولية بوسط المضيق. وتقع صخرة جبل طارق على الجانب الأسباني من الناحية الشرقية لمدخل المضيق وبذلك فهي تُسهل عملية التحكم فيه. ويلاحظ أن أقصى الطرف الجنوبي لأسبانيا الممثل في منطقة طرفه ذات موقع أفضل من صخرة جبل طارق من جهة التحكم في المضيق، لكن يعيبها عدم وجود مرفأ طبيعي بها علاوة على صعوبة الدفاع عنها بعكس صخرة جبل طارق. ويقع جبل طارق الحصين في شبه جزيرة طولها 5 كيلو مترات، وعرضها 1.5 كم، ولا تزيد مساحة شبه الجزيرة عن 6.5 كم2، ويجاورها من الغرب خليج مائي . وترتفع صخرة جبل طارق ارتفاعاً حاداً عن جميع الجهات التي تحيط بها، ويبلغ منسوبها نحو 389 متراً فوق مستوى البحر فيما عدا جهة الغرب باتجاه الخليج، ويبعد طرفها الجنوبي (رأس أوروبا) عن أقرب نقطة على ساحل أفريقيا مسافة 25 كيلومتراً. وفي الغرب يقع ميناء له مرفأ عميق تصل مساحته إلى 2 كم2. أمّا المدينة فتقع شرق الميناء، والكل محصن طبيعياً. ويبلغ طول المضيق 58 كيلو متراً، وعرضه 12.5 كم. وأعمق جزء في مجراه الملاحي يبلغ نحو 935 متراً، وأقل عمق فيه 320 متراً. ولمضيق جبل طارق أهمية كبيرة بالنسبة للدول الأوروبية، خاصة تلك التي ليست لها مواني على البحر المتوسط، مثل إنجلترا، وذلك لتأمين الطرق الموصلة إلى مصالحها في الشرق. وعندما كانت إنجلترا مسيطرة على قناة السويس كان باستطاعتها حبس دول البحر المتوسط بإغلاق القناة ومضيق جبل طارق. ويتسم مضيق جبل طارق بكثافة حركة مرور الملاحة فيه. إذ تمر به نحو 150 سفينة يومياً عدا القوارب الصغيرة والغواصات. كما يمر عبره 5% من تجارة البترول العالمية، إذ تُشكل ناقلات البترول ثلث السفن التي تعبر المضيق بما يعادل نحو 73 ألف ناقلة في السنة. وتعبره يومياً معديتان بين طنجة ومدن الساحل الأوروبي.
وتفكر إسبانيا والمغرب في إنشاء جسر فوقه أو نفق تحته. وتفضل المغرب إنشاء جسر معلق على المضيق. لكن تحبذ أسبانيا فكرة الجسر الثابت على المضيق. وتم الاتفاق سنة 1982 على إنشاء نفق تحت المضيق تمر فيه السكك الحديدية للربط بين أوروبا وأفريقية. هذا على الرغم من الصعوبات التي تكتنف ذلك لعدم انتظام عمق المضيق. وتم إنشاء خط أنابيب تحت المضيق لنقل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى فرنسا مروراً بالمغرب. ويلاحظ أن منطقة مضيق جبل طارق ليس لها أهمية اقتصادية ذاتية على الإطلاق، كما أنها ليست ميناء تجارياً كبيراً. وإنما اكتسبت شهرتها من موقعها الجغرافي. وقد تضاءلت الأهمية العسكرية لجبل طارق نتيجة للتطور الذي طرأ على أسلحة الحرب، ولكن المضيق مازال محتفظاً بكل أهميته البحرية التجارية. علاوة على أنه يُعد محطة لتموين السفن بالوقود والمياه والغذاء.
ونظراً لأهمية هذا المضيق، فقد سعت القوى البحرية للسيطرة عليه، منذ عهد الفينيقيين سنة 1100 قبل الميلاد، والإغريق 700 قبل الميلاد، والقرطاجيون 600 قبل الميلاد، والرومان 200 قبل الميلاد. وعبره طارق بن زياد سنة 711 ميلادية، وهو مسمى باسمه. وقد استولت عليه إنجلترا في 21 يوليو 1704 ميلادية. وفكرت ألمانيا في الاستيلاء على صخرة جبل طارق في نهاية الحرب العالمية الأولى. ولم تكف أسبانيا إطلاقاً عن مطالبة إنجلترا بالجلاء عن جبل طارق لأنه بالقانون الطبيعي جزء من بلادها. وقد سلكت أسبانيا مسالك مختلفة لتحقيق هدفها. فلجأت أولاً إلى القوة سبيلاً لاسترجاع جبل طارق، لكنها فشلت في ذلك. لذا أغلقت أسبانيا باب العنف في محاولة استرجاع المنطقة منذ منتصف القرن الثامن عشر. وبعد ذلك عرضت أسبانيا على إنجلترا أن تتخلى لها عن سبتة ومليلة على الساحل المراكشي، أو جزيرة سانت دمنجو أو بورتوريكو أو جزر الباهاما أو منطقة ماثالكفير في سبيل أن تجلو عن هذه المنطقة، ولكن إنجلترا رفضت هذا العرض. وتحاول أسبانيا سلمياً في الوقت الحاضر استرجاع المنطقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يمكن للقوى المتحكمة في سبتة ومليلة أن تهدد مضيق جبل طارق لقرب المسافة بينهما.
ويتبع القسم الجنوبي من المضيق المملكة المغربية. وقد دار صراع بين إنجلترا، وألمانيا، وفرنسا، وأسبانيا بخصوص السيطرة على هذا الساحل المراكشي. وقد عملت إنجلترا على استبعاد النفوذ الألماني كلية منه أملاً في أن تسيطر هي عليه. ولما لم تنجح خطتها في ذلك ودت أن تراه تحت سيطرة دولة صديقة لها مثل فرنسا، أو أن يصبح ملكاً لأسبانيا. وقد وقعت المغرب تحت الاستعمار الفرنسي باستثناء الساحل الشمالي الذي خضع للسيادة الأسبانية وتحولت طنجة إلى مدينة محايدة بوضعها تحت السيادة الدولية. وظل هذا الوضع سارياً حتى سنة 1956 عندما استقلت المغرب وضمت إليها طنجة والساحل، الذي كانت تحتله أسبانيا عدا مدينتي سبته ومليلة الخاضعتين لأسبانيا.
ولم تحدث أي مشكلة بخصوص الملاحة في المضيق إلى الوقت الحاضر. وليس هناك شك في أن الدوافع السياسية للسيطرة على شواطئ المضيق ترجع إلى الرغبة في إبقائه مفتوحاً وقت الحرب، أو مفتوحاً لسفن دول معينة ومحرماً على غيرها. وقد أعلنت لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة سنة 1964 ضرورة تطبيق مبدأ حق تقرير المصير في جبل طارق بناء على طلب أهل المنطقة نفسها. وأوصت اللجنة بإجراء مفاوضات ثنائية بين أسبانيا وإنجلترا لحل النزاع. وإذا استردت أسبانيا جبل طارق من إنجلترا، وظلت مسيطرة على سبتة على الشاطئ المغربي فإن المياه الإقليمية الأسبانية ستصل إلى 12 ميلاً بحرياً ، وبذلك سوف تشغل كل المدخل الشرقي للمضيق. وتساند الجماعة الأوربية بقاء أسبانيا في مدينتي سبتة ومليلة المغربيتين ليظل شاطئا المضيق تحت السيطرة الأوربية، إنجلترا في الشمال، وأسبانيا في الجنوب. خاصة بعد الصحوة الإسلامية في دول شمال أفريقية خشية سيطرة المسلمين على شاطئه الجنوبي.
المضايق والقنوات الملاحية
المضيق عبارة عن ممر بحري يصل بين مسطحين مائيين ويفصل جزئين من اليابس أو أكثر عن بعضهما. وقد يقل عرض المضيق ليصل إلى بضعة مئات من الأمتار مثل المضايق التركية بالقرب من استنبول. وقد يتسع عرضه ليصل إلى 32 كيلومتراً أو أكثر مثل مضيق دوفر بين بريطانيا وفرنسا، ومضيق بهرنج بين روسيا والولايات المتحدة، وتنطبق القواعد الخاصة بالمياه الإقليمية والدولية على المضايق، فإذا كان عرض المضيق أكثر من ستة أميال (حوالي 10 كيلومترات) تصبح نصف هذه المسافة موزعة على جانبيه مياهاً إقليمية، والشـقة المائية في وسطه تصبح مياهاً دولية، أمّا لو كان عرض المضيق ثلاثة أميال (حوالي خمسة كيلومترات) فإنه يصبح مياهاً إقليمية صرفه، ويصبح للدول المحيطة به حق السيطرة عليه ويحدد نصيب كل منها من المضيق بخط يمر في وسطه.
وتؤدي المضايق إلى تقصير المسافات بين الدول. وقد كانت معظم المضايق في وقت ما مراكز كبيرة لمرور التجارة العالمية، مع أنها قد لا تؤدي هذه الوظيفة في الوقت الحاضر، ومثال ذلك، لا يمر بمضيق ماجلان ومضيق بهرنج سوى عدد قليل من السفن. وعلى سبيل المثال كان لمضيق مجلان أهمية كبيرة لمرور التجارة العالمية قبل شق قناة بنما سنة 1914، . إلاّ أن أهميته تضاءلت بعد هذه السنة بسبب إنشاء قناة بنما. وعلى الرغم من ذلك مازالت إنجلترا تحتل جزيرة فوكلاند المشرفة عليه، وبسببها دارت الحرب بين إنجلترا والأرجنتين سنة 1982. في حين مازالت مضايق الدانمارك، وجبل طارق، وباب المندب، وهرمز، ودوفر، وملقا محتفظة بأهميتها التجارية الكبيرة. ونظراً للأهمية التجارية والبحرية والإستراتيجية لبعض المضايق فإن القوى العالمية تبذل ما في وسعها لتحول دون وقوع هذه المضايق كلياً أو جزئياً تحت سيطرة دولة معادية، وبالتالي تعمل على بقاء الطرق البحرية مفتوحة ومؤمنة لسفنها. ومن أفضل الأمثلة على ذلك سيطرة بريطانيا على مضيق جبل طارق، وفوكلاند، وملقا، وباب المندب، نظراً لأهميتها الإستراتيجية لتأمين مرور السفن البريطانية. وقد انتهت سيطرة إنجلترا على مضايق العالم لكنها ما زالت تحتل مضيق جبل طارق.
أ. مضيق جبل طارق
يصل مضيق جبل طارق بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ويفصل بين جنوب أسبانيا وشمال غرب إفريقيا، ويصل عرضه في أضيق نقطة إلى 13.8 كم ويدل هذا على وجود ممر من المياه الدولية بوسط المضيق. وتقع صخرة جبل طارق على الجانب الأسباني من الناحية الشرقية لمدخل المضيق وبذلك فهي تُسهل عملية التحكم فيه. ويلاحظ أن أقصى الطرف الجنوبي لأسبانيا الممثل في منطقة طرفه ذات موقع أفضل من صخرة جبل طارق من جهة التحكم في المضيق، لكن يعيبها عدم وجود مرفأ طبيعي بها علاوة على صعوبة الدفاع عنها بعكس صخرة جبل طارق. ويقع جبل طارق الحصين في شبه جزيرة طولها 5 كيلو مترات، وعرضها 1.5 كم، ولا تزيد مساحة شبه الجزيرة عن 6.5 كم2، ويجاورها من الغرب خليج مائي . وترتفع صخرة جبل طارق ارتفاعاً حاداً عن جميع الجهات التي تحيط بها، ويبلغ منسوبها نحو 389 متراً فوق مستوى البحر فيما عدا جهة الغرب باتجاه الخليج، ويبعد طرفها الجنوبي (رأس أوروبا) عن أقرب نقطة على ساحل أفريقيا مسافة 25 كيلومتراً. وفي الغرب يقع ميناء له مرفأ عميق تصل مساحته إلى 2 كم2. أمّا المدينة فتقع شرق الميناء، والكل محصن طبيعياً. ويبلغ طول المضيق 58 كيلو متراً، وعرضه 12.5 كم. وأعمق جزء في مجراه الملاحي يبلغ نحو 935 متراً، وأقل عمق فيه 320 متراً. ولمضيق جبل طارق أهمية كبيرة بالنسبة للدول الأوروبية، خاصة تلك التي ليست لها مواني على البحر المتوسط، مثل إنجلترا، وذلك لتأمين الطرق الموصلة إلى مصالحها في الشرق. وعندما كانت إنجلترا مسيطرة على قناة السويس كان باستطاعتها حبس دول البحر المتوسط بإغلاق القناة ومضيق جبل طارق. ويتسم مضيق جبل طارق بكثافة حركة مرور الملاحة فيه. إذ تمر به نحو 150 سفينة يومياً عدا القوارب الصغيرة والغواصات. كما يمر عبره 5% من تجارة البترول العالمية، إذ تُشكل ناقلات البترول ثلث السفن التي تعبر المضيق بما يعادل نحو 73 ألف ناقلة في السنة. وتعبره يومياً معديتان بين طنجة ومدن الساحل الأوروبي.
وتفكر إسبانيا والمغرب في إنشاء جسر فوقه أو نفق تحته. وتفضل المغرب إنشاء جسر معلق على المضيق. لكن تحبذ أسبانيا فكرة الجسر الثابت على المضيق. وتم الاتفاق سنة 1982 على إنشاء نفق تحت المضيق تمر فيه السكك الحديدية للربط بين أوروبا وأفريقية. هذا على الرغم من الصعوبات التي تكتنف ذلك لعدم انتظام عمق المضيق. وتم إنشاء خط أنابيب تحت المضيق لنقل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى فرنسا مروراً بالمغرب. ويلاحظ أن منطقة مضيق جبل طارق ليس لها أهمية اقتصادية ذاتية على الإطلاق، كما أنها ليست ميناء تجارياً كبيراً. وإنما اكتسبت شهرتها من موقعها الجغرافي. وقد تضاءلت الأهمية العسكرية لجبل طارق نتيجة للتطور الذي طرأ على أسلحة الحرب، ولكن المضيق مازال محتفظاً بكل أهميته البحرية التجارية. علاوة على أنه يُعد محطة لتموين السفن بالوقود والمياه والغذاء.
ونظراً لأهمية هذا المضيق، فقد سعت القوى البحرية للسيطرة عليه، منذ عهد الفينيقيين سنة 1100 قبل الميلاد، والإغريق 700 قبل الميلاد، والقرطاجيون 600 قبل الميلاد، والرومان 200 قبل الميلاد. وعبره طارق بن زياد سنة 711 ميلادية، وهو مسمى باسمه. وقد استولت عليه إنجلترا في 21 يوليو 1704 ميلادية. وفكرت ألمانيا في الاستيلاء على صخرة جبل طارق في نهاية الحرب العالمية الأولى. ولم تكف أسبانيا إطلاقاً عن مطالبة إنجلترا بالجلاء عن جبل طارق لأنه بالقانون الطبيعي جزء من بلادها. وقد سلكت أسبانيا مسالك مختلفة لتحقيق هدفها. فلجأت أولاً إلى القوة سبيلاً لاسترجاع جبل طارق، لكنها فشلت في ذلك. لذا أغلقت أسبانيا باب العنف في محاولة استرجاع المنطقة منذ منتصف القرن الثامن عشر. وبعد ذلك عرضت أسبانيا على إنجلترا أن تتخلى لها عن سبتة ومليلة على الساحل المراكشي، أو جزيرة سانت دمنجو أو بورتوريكو أو جزر الباهاما أو منطقة ماثالكفير في سبيل أن تجلو عن هذه المنطقة، ولكن إنجلترا رفضت هذا العرض. وتحاول أسبانيا سلمياً في الوقت الحاضر استرجاع المنطقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يمكن للقوى المتحكمة في سبتة ومليلة أن تهدد مضيق جبل طارق لقرب المسافة بينهما.
ويتبع القسم الجنوبي من المضيق المملكة المغربية. وقد دار صراع بين إنجلترا، وألمانيا، وفرنسا، وأسبانيا بخصوص السيطرة على هذا الساحل المراكشي. وقد عملت إنجلترا على استبعاد النفوذ الألماني كلية منه أملاً في أن تسيطر هي عليه. ولما لم تنجح خطتها في ذلك ودت أن تراه تحت سيطرة دولة صديقة لها مثل فرنسا، أو أن يصبح ملكاً لأسبانيا. وقد وقعت المغرب تحت الاستعمار الفرنسي باستثناء الساحل الشمالي الذي خضع للسيادة الأسبانية وتحولت طنجة إلى مدينة محايدة بوضعها تحت السيادة الدولية. وظل هذا الوضع سارياً حتى سنة 1956 عندما استقلت المغرب وضمت إليها طنجة والساحل، الذي كانت تحتله أسبانيا عدا مدينتي سبته ومليلة الخاضعتين لأسبانيا.
ولم تحدث أي مشكلة بخصوص الملاحة في المضيق إلى الوقت الحاضر. وليس هناك شك في أن الدوافع السياسية للسيطرة على شواطئ المضيق ترجع إلى الرغبة في إبقائه مفتوحاً وقت الحرب، أو مفتوحاً لسفن دول معينة ومحرماً على غيرها. وقد أعلنت لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة سنة 1964 ضرورة تطبيق مبدأ حق تقرير المصير في جبل طارق بناء على طلب أهل المنطقة نفسها. وأوصت اللجنة بإجراء مفاوضات ثنائية بين أسبانيا وإنجلترا لحل النزاع. وإذا استردت أسبانيا جبل طارق من إنجلترا، وظلت مسيطرة على سبتة على الشاطئ المغربي فإن المياه الإقليمية الأسبانية ستصل إلى 12 ميلاً بحرياً ، وبذلك سوف تشغل كل المدخل الشرقي للمضيق. وتساند الجماعة الأوربية بقاء أسبانيا في مدينتي سبتة ومليلة المغربيتين ليظل شاطئا المضيق تحت السيطرة الأوربية، إنجلترا في الشمال، وأسبانيا في الجنوب. خاصة بعد الصحوة الإسلامية في دول شمال أفريقية خشية سيطرة المسلمين على شاطئه الجنوبي.