[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الممارسة المهنية اليومية للمدرس بين الحياد والاستقطاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
استهلال :
الحادثة الأولى : وقعت في فرنسا سنة 2009 وتتلخص وقائعها في تقديم أستاذة تاريخ من أصل يهودي ، " كاترين فانتورا " ( Catherine Ventura ) مشروعا لإدارة معهد " هنري لوريتز " (lycée Henri – Loritz ) يهدف إلى تمكين 144 تلميذا من زيارة معسكرات إبادة اليهود(المحرقة ) ببولونيا ولكن المديرة لم توافق إلا على 80 تلميذا بعد أن اعتبرت العدد المقترح مشطا ويستدعي مصاريف باهظة ( السفر ، الإقامة التأمين ...). هذا القرار أثار حفيظة الأستاذة التي استغلت زيارة وزير التربية
للمؤسسة وحرضت تلاميذها على تنظيم احتجاج ، مما استدعى فتح تحقيق في الغرض انتهى إلى إدانة الأستاذة وإيقافها عن العمل لمدة أربعة أشهر بسبب إخلالها بواجب الحيادية ( la neutralité)[1] وسعيها المتعمد لاستغلال التلاميذ وغسل أدمغتهم عبر تخصيص الجزء الأكبر من وقتها لتنظيم الرحلات على حساب مكونات ومضامين البرنامج الأخرى.[2]
الحادثة الثانية :وقعت في فرنسا كذلك ( أكتوبر 2010 ) وأسالت كثيرا من الحبر[3] و تتلخص في عرض أحد أساتذة مادة التربية المدنية والقانونية والاجتماعية ( ECJS ) بمعهد "مانوسك " ( lycée de Manosque ) لشريط فيديو مناهض للإجهاض ( anti-avortement) مما أثار حفيظة بعض التلاميذ وأوليائهم [4] والذين سارعوا إلى تقديم شكوى بالأستاذ المذكور إلى السلط المعنية ، آلت إلى فتح تحقيق إداري في الموضوع وتركيز خلية إنصات وحوار داخل المؤسسة ، ليتقرر في النهاية إيقاف المدرس عن العمل لمدة أربعة أشهر كإجراء تأديبي احتياطي " لعرضه صورا صادمة للتلاميذ ". ومن جهتها عبرت الوزارة عن رفضها لما أقدم عليه الأستاذ واعتبرته خرقا صريحا لمبدأ الحياد ولاحترام ذات الإنسان عموما (le respect de la personne ).
الحادثة الثالثة :تونسية بامتياز وقد تمت سنة 2011 في أحد معاهد مدينة بنزرت ( معهد الطاهر الحداد ) حيث اتهم عدد من التلاميذ أستاذ العربية ( عبد الحميد الحولي ) بالتطاول على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم (من خلال نعته بكونه زير نساء ويتحرش بالصغار ) ، مما أثار حفيظة الأهالي الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام المندوبية الجهوية للتربية كما ندد عدد من الأئمة بسلوك المدرس الذي خضع للاستجواب وأنكر ما نسب إليه مدعيا أن ما صرح به للتلاميذ كان حول الزعيم الهندي غاندي .
قد تكون هذه الأحداث وغيرها مجرد وقائع منفصلة ومتباعدة في الزمان كما في المكان غير أن ذلك لا ينفي وجود خيط جامع بينها قد يحيلنا مباشرة إلى مواضيع وإشكاليات أكبر وأشد تعقيدا مثل : " العلاقة التربوية " وتحديدا علاقة المعلم بالمتعلم وما يتصل بها من صعوبات في مستوى النقل الديداكتيكي ( la transposition didactique) ، "وظائف المدرسة " ومدى حياديتها عن السيستام ( le système) وعما تمليه وسائل الضغط الاجتماعي ( les moyens de contrôle social) ، " الاتجاهات التربوية " وأساليب التعبير عنها[5] ، " ديـ - أنطولوجيا المهنة " وما تفرضه من أخلاقيات ، " الكفايات المهنية للمدرس " وما تقتضيه من مرجعية ( référenciel de compétences) ومتابعة ، الحرية والفضاء العام ...
من جهتنا سنعترف منذ البداية بصعوبة الإلمام بكل هذه المداخل التي يتقاطع فيها التربوي بالسياسي ، الديني بالمدني ، النفسي بالاجتماعي والبيداغوجي بالديداكتيكي. وبالتالي سنركز اهتمامنا في هذا الحيز المحدود على المقاربة التربوية لنسلط الضوء على مسألة بعينها هي تمهين ( professionnalisation) الممارسات اليومية للمدرس– وتحديدا مدرس التربية المدنية – من خلال النظر في جدلية الحياد والاستقطاب بكل أشكاله (الإيديولوجي، الديني ،السياسي والأخلاقي ). وإذا كنا سننطلق في عملنا هذا من التجربة التونسية أساسا ، فإن ذلك لن يحول دون الانفتاح على بعض التجارب الأخرى وخاصة في فرنسا قصد مزيد الفهم ، التموقع والمقارنة
الممارسة المهنية اليومية للمدرس بين الحياد والاستقطاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
استهلال :
الحادثة الأولى : وقعت في فرنسا سنة 2009 وتتلخص وقائعها في تقديم أستاذة تاريخ من أصل يهودي ، " كاترين فانتورا " ( Catherine Ventura ) مشروعا لإدارة معهد " هنري لوريتز " (lycée Henri – Loritz ) يهدف إلى تمكين 144 تلميذا من زيارة معسكرات إبادة اليهود(المحرقة ) ببولونيا ولكن المديرة لم توافق إلا على 80 تلميذا بعد أن اعتبرت العدد المقترح مشطا ويستدعي مصاريف باهظة ( السفر ، الإقامة التأمين ...). هذا القرار أثار حفيظة الأستاذة التي استغلت زيارة وزير التربية
للمؤسسة وحرضت تلاميذها على تنظيم احتجاج ، مما استدعى فتح تحقيق في الغرض انتهى إلى إدانة الأستاذة وإيقافها عن العمل لمدة أربعة أشهر بسبب إخلالها بواجب الحيادية ( la neutralité)[1] وسعيها المتعمد لاستغلال التلاميذ وغسل أدمغتهم عبر تخصيص الجزء الأكبر من وقتها لتنظيم الرحلات على حساب مكونات ومضامين البرنامج الأخرى.[2]
الحادثة الثانية :وقعت في فرنسا كذلك ( أكتوبر 2010 ) وأسالت كثيرا من الحبر[3] و تتلخص في عرض أحد أساتذة مادة التربية المدنية والقانونية والاجتماعية ( ECJS ) بمعهد "مانوسك " ( lycée de Manosque ) لشريط فيديو مناهض للإجهاض ( anti-avortement) مما أثار حفيظة بعض التلاميذ وأوليائهم [4] والذين سارعوا إلى تقديم شكوى بالأستاذ المذكور إلى السلط المعنية ، آلت إلى فتح تحقيق إداري في الموضوع وتركيز خلية إنصات وحوار داخل المؤسسة ، ليتقرر في النهاية إيقاف المدرس عن العمل لمدة أربعة أشهر كإجراء تأديبي احتياطي " لعرضه صورا صادمة للتلاميذ ". ومن جهتها عبرت الوزارة عن رفضها لما أقدم عليه الأستاذ واعتبرته خرقا صريحا لمبدأ الحياد ولاحترام ذات الإنسان عموما (le respect de la personne ).
الحادثة الثالثة :تونسية بامتياز وقد تمت سنة 2011 في أحد معاهد مدينة بنزرت ( معهد الطاهر الحداد ) حيث اتهم عدد من التلاميذ أستاذ العربية ( عبد الحميد الحولي ) بالتطاول على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم (من خلال نعته بكونه زير نساء ويتحرش بالصغار ) ، مما أثار حفيظة الأهالي الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام المندوبية الجهوية للتربية كما ندد عدد من الأئمة بسلوك المدرس الذي خضع للاستجواب وأنكر ما نسب إليه مدعيا أن ما صرح به للتلاميذ كان حول الزعيم الهندي غاندي .
قد تكون هذه الأحداث وغيرها مجرد وقائع منفصلة ومتباعدة في الزمان كما في المكان غير أن ذلك لا ينفي وجود خيط جامع بينها قد يحيلنا مباشرة إلى مواضيع وإشكاليات أكبر وأشد تعقيدا مثل : " العلاقة التربوية " وتحديدا علاقة المعلم بالمتعلم وما يتصل بها من صعوبات في مستوى النقل الديداكتيكي ( la transposition didactique) ، "وظائف المدرسة " ومدى حياديتها عن السيستام ( le système) وعما تمليه وسائل الضغط الاجتماعي ( les moyens de contrôle social) ، " الاتجاهات التربوية " وأساليب التعبير عنها[5] ، " ديـ - أنطولوجيا المهنة " وما تفرضه من أخلاقيات ، " الكفايات المهنية للمدرس " وما تقتضيه من مرجعية ( référenciel de compétences) ومتابعة ، الحرية والفضاء العام ...
من جهتنا سنعترف منذ البداية بصعوبة الإلمام بكل هذه المداخل التي يتقاطع فيها التربوي بالسياسي ، الديني بالمدني ، النفسي بالاجتماعي والبيداغوجي بالديداكتيكي. وبالتالي سنركز اهتمامنا في هذا الحيز المحدود على المقاربة التربوية لنسلط الضوء على مسألة بعينها هي تمهين ( professionnalisation) الممارسات اليومية للمدرس– وتحديدا مدرس التربية المدنية – من خلال النظر في جدلية الحياد والاستقطاب بكل أشكاله (الإيديولوجي، الديني ،السياسي والأخلاقي ). وإذا كنا سننطلق في عملنا هذا من التجربة التونسية أساسا ، فإن ذلك لن يحول دون الانفتاح على بعض التجارب الأخرى وخاصة في فرنسا قصد مزيد الفهم ، التموقع والمقارنة