من طرف Admin الإثنين يوليو 25 2011, 11:08
العوامل المؤثرة بنشأة الأحزاب السياسية
هناك العيد من العوامل التي تلعب الدور الكبير في نشأة وتطور الأحزاب السياسية في اية مجتمع من المجتمعات ، ويمكن إجمال هذه العوامل بما يلي :
العوامل الاقتصادية
الأمر الذي ليس فيه ريب هو أن للعوامل الاقتصادية اثر عميق الغور في استقرار المجتمع او عدم استقراره وهذه الفكرة ليست بجديدة فلقد أشار إليها فلاسفة الفكر اليوناني القديم ( الارسطوي ) على سبيل المثال اذ قال ان المجتمع المتخلف اقتصاديا غير قادرا على إشباع حاجات سكانه وذلك لضعف الإنتاج القومي واعتماد البلد على الزراعة وغياب الصناعة الثقيلة عنة ، فيكون دخل الفرد فيه ضعيفا وهو عامل أساسي في خلق الكثير من الصراعات والمشاحنات التي تضفي الى حالة اللااستقرار وهذا احد الأسباب التي تبعد تطبيق الديمقراطية في المجتمعات النامية .
أن المجتمعات الزراعية دائما تضم نظام الطبقات الاجتماعية الواضح بشكل بارز إذ يكون فيها مالكو الأراضي الزراعية يقفون خلف السلطة السياسية دائما والذين يمارسون عليها ضغوطا غير منظورة تماما كما هوالحال في المجتمعات الصناعية حين يكون دائما أصحاب المصانع خلف السلطة السياسية ، وصفوة القول أنة كلما كان المجتمع ضعيفا اقتصاديا كلما لعبت عوامل أللاستقرار او اضطراب الأحوال دورها فية بشكل كبير وان اختفاء العديد من الحركات السياسية يعود إلى ضعف العوامل الاقتصادية .
العوامل الاجتماعية
تلعب لبنى الاجتماعية وعواملها دورا أساسيا في استقرار المجتمع او عدم استقراره سياسيا ، فالنظام الاقتصادي لمجتمع أنما جزءا من نظام اجتماعي معين ويحدثنا التاريخ الأوربي عن لكثير من الأحزاب المحافظة كانت تواجهها العديد من الصراعات والمنازعات أحزاب الأحرار ، وليس من شك في أن نظام الطبقات الاجتماعية عامل يزكي حدة الصراعات المتعددة التي تقود في الغالب إلى خلق حالة من عدم الاستقرار ، وهناك تأثيرا كبيرا وواضح للعديد من العوامل الاجتماعية في نشأة وتطور الأحزاب السياسية من خلال ما تمارسه على حالة التفكير والمعايشة للحزب مع المحيط الذي ينشاء فية ، فان أفكار وتطلعات العديد من الأحزاب السياسية الموجودة في العالم ما هي الا انعكاسا واضحا للعديد من العوامل الاجتماعية التي تحط بالحزب داخل مجتمعة وبالتالي تؤثر على حالة التفاعل الفكري بينة وبين أفراد المجتمع من جانب ، وعلى ممارساته اليومية مع الأحزاب الأخرى من جانب آخر ، لذا لابد للأفكار التي تؤمن بها الأحزاب ان تكون في تطور مستمر تبعا للتطورات السياسية والاقتصادية التي تعيشها الدولة من جانب والمجتمع الدولي من جانب آخر .
العوامل الثقافية والفكرية
تلعب الثقافة دورها الكبير في حياة الشعوب ومن البديهي تصنيف الشعوب إلى ثقافات متنوعة ولكل شعب ثقافة أو مجموعة من الثقافات التي يؤمن بها الناس ،وهنا لابد من توفر عامل ثقافي معين يحمل إفرادا معينين من الإيمان ببعض الثقافات في تشكيل أحزابا وحركات سياسية وكثير ما تفشل بعض الأحزاب اجتماعيا فشلا ذريعا جراء تمسكها ببعض الثقافات الكلاسيكية التي لا تجاري فيها ثقافات مجتمعاتها ، لذا لابد من وجود تفاعل حقيقي بين ما يؤمن بة الحزب من ثقافة وممارساته على الساحة السياسية ، ومن جانب أخر نضوج تطلعاته الثقافية بالشكل الذي يسمح لانتهاج مبدأ قبول الأخر والتبادل في الآراء والاختلافات .
العوامل الجغرافية
أن المحيط الجغرافي الذي تعيشه الأحزاب السياسية بكل مفرداتة وجزئياته يلعب دورا واضحا في توجهات الحزب وممارساته وبطبيعة الأفكار التي تحاول قيادة المجتمعات سواء بالإيجاب اوالسلب مها ، ولطبيعة العوامل الجغرافية في المحيط السياسي دورا لايمكن اغفالة في حقيقة الأمر ، ويمكن تلمس هذا الدور من خلال مناقشة العوامل التالية :
ا.طبوغرافية السطح
يؤثر اختلاف مظاهر السطح في طبيعة المكان الجغرافي وبيئته الطبيعية ، وينعكس هذا الأثر أحيانا على طبيعة ونوعية الحياة السياسية للبلد فقد يساعد سهولة السطح وانبساطه الى تحديد نوعية الأفكار السائدة فعادة الأفكار التسامحية والداعية إلى الألفة والمقبولية تسود وتنتشر في البيئات الجغرافية ذات الانبساط الدائم ، بخلاف بعض البيئات الوعرة وذات التضرس الكبير والتي غالبا ما تميل بعض أفكارها نحو العزلة والتقوقع وسيادة الأفكار ذات البعد المحلي دون الإقليمي
وعادة ما تشهد المناطق المنعزلة طبيعيا سيادة بعض المفاهيم الانعزالية والحركات والتيارات الفكرية الداعمة لذلك ويعزو السياسيون إلى أن اغلب الانقسامات الحاصلة في جسد وكيان الدول الموحدة يؤثر فيه بشكل كبير العامل الطبوغرافية للدول التي تحاول الاستقلال وتكوين دولا جديدة .
ب. العامل الديموغرافي
السكان هم المحرك الأساس في تفاعل العملية السياسية في أية مجتمع من المجتمعات ، فالعقائد والأفكار المختلفة لدا السكان من منظومات ثقافية واجتماعية تلعب دورا مهما في رسم الصورة الفكرية وطبيعة الحياة السياسية السائدة في الدولة (5) ويلعب التوزيع الجغرافي للسكان بين الأقاليم الجغرافية المتنوعة تأثيرا كبيرا في تطور الفكر السياسي وما يمليه ذلك التوزيع من خصائص واختلافات ، ويأتي العامل ألاثني ( الديني ) في مقدمة العوامل الدموغرافية أهمية في جوهر الأحزاب والحركات السياسية لأي بلد ، فطبيعة الاختلاف في العقائد والديانات والأفكار الدينية الأخرى لدا السكان تفرض دورها المباشر في تنمية الحياة الحزبية وما تؤمن بة من أفكار ومبادئ مطروحة ،ولعل الاختلاف في طبيعة توزيع السكان جغرافيا بين البيئات المختلفة عاملا أخر في نمو وتطور الأحزاب والتيارات الفكرية فالمناطق السهلية تشهد تركزا كبيرا في توزيع الكثافات السكانية فيها أكثر من المناطق الجبلية الوعرة والمناطق الصحراوية والبيئات المائية وغيرها والتي تشهد اختلاف كبيرا في توجهات الأحزاب السياسية وما تصبوا إلى تحقيقه فالبيئة تفرض شخصيتها المكانية على طبيعة الاختلافات والتشابهات الناتجة من اختلاف أيمان السكان ومدى مقبولية الأفكار بيئيا في البيئات الجغرافية التي يعيشون فيها ، أما الجانب الثقافي والفكري لدا السكان فيمارس تأثيرا كبيرا في أنجاح المذهب لسياسي والترويج له ، وهنا يلعب مرة أخرى طبيعة التوزيع المكاني للسكان بين الريف والحضر فسكان الأرياف والقرى النائية غالبا ما يمتلكون منظومة فكرية بسيطة فعل ما يمتلكونه من جانب ثقافي وتعليمي متدن ، لذا يمكن أن يستغل من قبل الأحزاب والحركات والتيارات في الترويج لفكرة سياسية دون غيرها ، ويختلف الحال كثيرا لدا سكان المدن الذين يصعب اقتناعهم بالأفكار الكلاسيكية ويتطلعون إلى الأفكار الأكثر تطورا والأكثر تحضرا .
ج. العوامل الاثنية والقومية
يقصد العامل ألاثني هو مجموعة الأفكار والعقائد ذات الطابع الديني والتي تلقى ترحيبا لدا مجموعة من السكان ، وبما ان هذه العوامل تشهد اختلافا كبيرا فيما بينها ، فان هذا الاختلاف ينعكس بشكل او بأخر على مجموعة الأفكار والمبادئ التي تنطلق منها الأحزاب والحركات السياسية ، فالدين وما يتضمنه من تعاليم وإرشادات لة الثاثير لفاعل في بلورة الأفكار والمذاهب السياسية والى وقت قريب كانت بعض الأحزاب العريقة في الشرق الأوسط غير مرحب بها في العالم الإسلامي لطبيعة نظرتها للدين ، فكلما كان الحزب السياسي يحمل افكارا تتلاءم مع طبيعة الحياة الدينية للمجتمع الذي يعيش فية كان نصيبه عالي من المقبولية والجماهيرية كما هوا لحال في الأحزاب الإسلامية التي أخذت من مبادئ الدين الإسلامي شعارا لها والتي تأخذا بعدا اجتماعيا كبيرا وهكذا يختلف الحال في بعض الأحزاب العلمانية التي ترفع مبدأ التحضر والتقدم والانفتاح الفكري والثقافي والتي قد لا تلاقي ذلك الترحيب الكافي لدا المجتمعات النامية التي نشاء فيها .
الهوامش
1.طارق علي الهاشمي ، الأحزاب السياسية ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة بغداد ، 1990 ، ص37 .
2. المصدر نفسه ، ص44 .
3. بطرس بطرس غالي ، محمود خيري عيسى ، المدخل في علم السياسة ، الطبعة الخامسة ، القاهرة ، 1976 ، ص268 .
4. أحسان محمد العاني ، الأنظمة السياسية والدستورية المقارنة ، كلية القانون والسياسة ، جامعة بغداد ، 1986، ص256.
5. محمد محمود الديب ، الجغرافية السياسية (منظور معاصر ) ،الطبعة الثانية ، القاهرة ،1983 ، ص 144 .