[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حقيقة ماو تسي تونغ والثورة الشيوعية في الصين
ترجمة شادى الشماوي
مقدمة لشادي الشماوي:
بإعتباره مادي جدلي وليس مثالي ميتافيزيقي، إعترف ماو تسى تونغ بأن الحقيقة وليس الأوهام والخيالات تصبّ على الدوام فى خدمة الشعب ذلك أن الحقيقة مثلما قال لينين هي وحدها الثورية وأن تغيير الواقع الملموس يتطلب تفسيره تفسيرا صحيحا ماديا جدليا علميا وعندما أدرك ماو ان التحريفيين الخروتشوفيين – الطبقة البرجوازية الجديدة كما ستسمى لاحقا- قد إغتصبوا السلطة فى الإتحاد السوقياتي وحوّلوا دولة وحزب البروليتاريا اللذان قادهما لينين ثم ستالين إلى دولة وحزب برجوازيين وأعادوا تركيز الرأسمالية ودمروا الإشتراكية ، لم يتردّد كشيوعي صريح فى إقرار تلك الحقيقة المؤلمة للغاية ولم يهادن التحريفيين ولم يغضّ النظر عن سياساتهم الرجعية داخليا وخارجيا وبالتالي لم يسلك إزاءهم سلوكا إنتهازيا كما فعل بعض قادة الأحزاب الشيوعية الأخرى وإنما تحمّل بجسارة مسؤولية التصدّى لهم داخل الحركة الشيوعية العالمية ثمّ القطع معهم مهما كلفه و كلف الحزب و الدولة الصينيين و الحركة الثورية وفضحهم ودافع عن الماركسية-اللينينية ورموزها لينين و ستالين .وأكثر من ذلك عمل جاهدا لحثّ و قيادة الحركة الشيوعية العالمية فى إلحاق الهزيمة بالتحريفية المعاصرة من جهة و على البحث و التنقيب و الدراسة النقدية للتجربة السوفياتية لإستخلاص الدروس الإيجابية منها و السلبية خدمة للمستقبل وتشييد تجارب بروليتارية ثورية أرقى فأرقى.
وبفضل هذا الخط الماوي الثوري تمّت مقاومة التحريفية فى الصين و عالميا ونتيجة الجدال العظيم الذى قاده ماو تسى تونغ ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات و خاصة فى الستينات ولدت الحركة الماركسية-اللينينية وإن كانت القطيعة التى أجرتها تنظيمات و أحزاب شيوعية غير تامة أحيانا أومشوبة بإرث ثقيل من الإنتهازية و الدغمائية . وأبرز رموز الحركة الناشئة كان بلا منازع ماوتسى تونغ الذى زاد صيته وعلا أكثر نجمه مضيئا درب الثورة البروليتارية العالمية بتياريها الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية والديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية بقيادة شيوعية فى المستعمرات وأشباه المستعمرات ، مع قيادته للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمواصلة للثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
وعربيا و قطريا يشهد التاريخ رغم تنكّر البعض و تعنّتهم أن المجموعات الماركسية-اللينينية التى تشكّلت خارج الأحزاب الشيوعية التقليدية-التحريفية وبعيدا عن التروتسكية المفضوحة تبنّت بدرجة أو أخرى أفكار الحركة الماركسية-اللينينية التى كان ماوتسى تونغ ألمع قادتها . بيد أنه إثر هزيمة البروليتاريا والثورة الصينيين وإستيلاء الطبقة البرجوازية الجديدة الصينية على الحزب و الدولة و إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ،عقب وفاة ماو تسى تونغ فى 1976 ، عوض أن ترفع الحركة الماركسية-اللينينية راية ماوتسى تونغ الحمراء الخفاقة الثورية،و فى الوقت الذى كانت فيه التحريفية الصينية- البرجوازية الجديدة و على رأسها دنك سياو بينغ تكيل التشويه و تبثّ الضبابحول الماوية نظريا و تقبرها عمليا، تقدّم أنور خوجا ،زعيم حزب العمل الألباني ليهاجم بضراوة وفجاجة ماوتسى تونغ وأفكاره الثورية بشتى الوسائل المنحطّة البعيدة البعد كلّه عن الحقيقة والنزاهة و المنهج المادي الجدلي،و القائمة على الكذب و التزوير وإختلاق التهم .وإستغل الإنتهازيون داخل الحركة الماركسية-اللينينية عربيا و فى القطر خصوصا البلبلة داخل الحركة الشيوعية العالمية الناجمة عن نشر كتاب أنور خوجا الذى كان قبل ذلك يرفع ماو إلى السماء ("الإمبريالية و الثورة" ) ليخرجوا من جحورهم وينفثوا سمومهم فى محاولة لإهالة التراب على الشيوعية الثورية بما ييسّر لهم فرض برامجهم وتنظيماتهم الإصلاحية .وبعد سنوات من بثّ الشك و المراوغات نظمت حملة شعواء ضد الماوية بداية بالترويج لكتاب أنور خوجا ثم بنشر... كتب و "بحوث" مناهضة للماوية وقد نجحت التحريفية و الدغماتحريفية عربيا و قطريا فى هذا الهجوم السافر لأسباب متعدّدة ومعقدة ليس هذا مجال تفصيلها ،فى عزل الماوية ومحاصرتها وفى بسط هيمنة الإصلاحية و النقابوية على الحركة الشيوعية.
ومحاولات الردود الأولى قطريا التى طالت أنور خوجا ...لم تستمرّ كما ينبغى لتأخذ مداها و تتابع الكتب و "البحوث"...بالنقد التفصيلي و الصراع المبدئي لكشف تهافتهما بأسرع وقت ممكن لذلك تظل هذه المهمّة ، بعد عقود الآن ، قائمة الذات إذا ما رام الثوريون أن يعيدوا بناء حركة شيوعية ثورية حقا كجزء من الثورة البروليتارية العالمية خاصة و أن وقائع الصراع الطبقي عالميا أكّدت و لا تزال أن التيارات و المنظمات التى إنحرفت و نبذت الماوية كمرحلة ثالثة جديدة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمي إنتهت إلى التفسّخ و لم تعد ثورية بل أمست إصلاحية و نقابوية و ما إلى ذلك و أنّ الماويين المتمسّكين بالماركسية-اللينينية-الماوية قطعوا أشواطا فى تقييم الموجة/المرحلة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية و فى خوض الصراع الطبقي من موقع متقدّم بغاية تحقيق الهدف الأسمى ،الشيوعية و الماويون اليوم على راس أهمّ الحركات الثورية فى العالم لا سيما فى آسيا . بقدر ماإستوعبوا الماوية و رفعوا رايتها و دافعوان عنها و طبقوها و طوروها بقدر ما تقدّموا بالحركة الثورية البروليتارية و العكس بالنسبة لأعداء الماوية بقدر ما إبتعدوا عنها بقدر ما نزلوا إلى حضيض التفسّخ و الإنتهازية و الدغمائية و حتى الخدمة الجلية لأعداء الثورة.
وفى إطار هذه المعركة الفكرية الضرورية لتقدّم الماوية ،و بمناسبة الذكرى 60 لإنتصار الثورة فى الصين – سنة 1949- نساهم مساهمة بسيطة بهذه الترجمة لمقال ماوي من الصحافة الماوية عبرالعالم فى دحض الترهات الخوجية و الدفاع عن الماوية ورفع رايتها من خلال عرض مقتضب لحقيقة ماوتسى تونغ و الثورة الماوية فى الصين ينفض بعض الغبارالتحريفي و الرجعي العامل على حجب الماوية عن المثقفين و الجماهير ويقدّم بعض التوضيحات لمن له فكرة غير تامة عن موضوع الحال أو يمثّل مدخلا للإبحار فى دراسة جدّية للتعرّف على حقيقة الماوية كمرحلة جديدة ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية ،الماركسية-اللينينية-الماوية ،لا سيما بالنسبة للأجيال الجديدة.
ولأن التحريفين و الدغماتحريفيين الذين يروجون أباطيلا ملخّصها أن ماو ما كان يوما شيوعيا و أن الصين ما كانت يوما إشتراكية أقاموا صرح جانب كبير من نقدهم على عقد مقارنات دغمائية لاتصحّ بين ثورة أكتوبر والثورة الماوية فى الصين بمرحلتيها الديمقراطية و الإشتراكية رأينا قبل كلّ شيئ، فى ختام هذه المقدّمة ، أنه من الضروري أن ندع لينين و ماو يعطياننا فكرة عن الرابطة الحقيقية بين الثوريتين المختلفتين نوعيا و اللتين قامتا بقيادة البروليتاريا فى بلدين مختلفين : روسيا الإمبريالية و الصين المستعمرة وشبه المستعمرة شبه الإقطاعية .
ماو حول ثورة أكتوبر المجيدة و المسألة الوطنية :
" الحرب الإمبريالية العالمية الأولي و الثورة الإشتراكية الظافرة الأولي ، ثورة أكتوبر ، قد غيرتا إتجاه تاريخ العالم كله و إنتجتا عصرا جديدا .
ففى العصر الذى إنهارت فيه الجبهة الرأسمالية العالمية فى جزء من الكرة الأرضية (سدس مساحة الأرض) بينما ظهر للعيان تفسخ الرأسمالية فى أجزاءها الأخري ، العصر الذى أصبحت هذه الأجزاء الرأسمالية الباقية لا تستطيع أن تحيا فيه بدون مزيد من الإعتماد على المستعمرات و شبه المستعمرات ، العصر الذى قامت فيه دولة إشتراكية و أعلنت رغبتها فى خوض النضال من أجل دعم حركة التحرر فى جميع المستعمرات و شبه المستعمرات ، العصر الذى تتحرر فيه البروليتاريا فى البلدان الرأسمالية يوما فيوما من نفوذ الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية –الأحزاب الإشتراكية الإمبريالية –
و تعلن تأييدها لحركة التحرر فى المستعمرات و شبه المستعمرات ، فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازية العالمية و الرأسمالية العالمية ، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية العالمية بمفهومها القديم ، بل تنتسب إلى مفهوم جديد ، و لا تعد جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ،بل تعد جزءا من الثورة العالمية الجديدة ، أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية ، و إن مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثورية لم تعد تعتبر فى عداد حليفات الجبهة الرأسمالية العالمية المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكية العالمية الثورية .
و على الرغم من أن مثل هذه الثورة فى البلد المستعمر و شبه المستعمر لا تبرح خلال مرحلتها الأولى ثورة ديمقراطية برجوازية بصورة أساسية من حيث طبيعتها الإجتماعية ، وعلى الرغم من أن رسالتها الموضوعية هي تمهيد الطريق لتطور الرأسمالية ، إلا أنها ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازية و تهدف إلى إقامة مجتمع رأسمالي بل هي ثورة جديدة تقودها البروليتاريا و تهدف ، فى مرحلتها الأولى ، إلى إقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة و دولة خاضعة للدكتاتورية المشتركة التى تمارسها جميع الطبقات الثورية . و هكذا فإن هذه الثورة من ناحية أخرى تقوم ، على وجه التحديد ، بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطور الإشتراكية...
إن هذا التعريف الصحيح الذى طرحه الشيوعيون الصينيون يستند إلى نظرية ستالين .
فقد قال ستالن فى مقال كتبه فى عام 1918 إحياء للذكرى الأولى لثورة أكتوبر : " إن المغزى العالمي العظيم لثورة أكتوبر يتمثل بصورة رئيسية فى أنها :
1) وسعت إطار المسألة القومية إذ حولتها من مسألة جزئية خاصة بالنضال ضد الإضطهاد القومي فى أوروبا إلى مسألة عامة متعلقة بتحرر الأمم المضطهدة و المستعمرات و شبه المستعمرات من نير الإمبريالية ،
2) أتاحت إمكانية عريضة و شقت طرقا واقعية نحو تحقيق هذا التحرر ، وهي بذلك دفعت كثيرا قضية تحرر الأمم المضطهدة فى الغرب و الشرق و إجتذبت هذه الأمم إلى التيار العارم للنضال الظافر ضد الإمبريالية ،
3) أنشأت بذلك جسرا بين الغرب الإشتراكي و الشرق المستعبد ، إذ خلقت جبهة جديدة من الثورات ضد الأمبريالية العالمية تمتد من البروليتاريا فى الغرب ، عبر الثورة الروسية ، إلى الأمم المضطهدة فى الشرق ."
( ماو تسي تونغ –حول الديمقراطية الجديدة / م 2، ص 479-481 ، يناير –كانون الثانى 1940)
لينين حول مهمة إحداث طرق جديدة للثورة :
فى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، ورد على لسان لينين :" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق . و ينبغى لى أن أقول إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...
و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تسندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى . وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات ، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق ... هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا . لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة ..."
و جاءت تجربة الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية بقيادة الشيوعيين و على رأسهم ماو تسي تونغ لتخط بدماء الشعب الثوري طرقا جديدة للثورة ثم جاءت الثورة الثقافية البروليتارية الكبري طريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
نص لى أونستو من جريدة " الثورة" لسان الحزب الشيوعى الثوري للولايات المتحد الأمريكية :
القصّة الحقيقية لماو تسى تونغ و الثورة الشيوعية فى الصين.
فى الستينات و السبعينات ، كان ماوتسى تونغ من أشهر الناس عالميا. فقد قاد الشعب الصيني فى إنجاز الثورة رغم العقبات المتنوعة . وبالنسبة لملايين الذين كافحوا بحماس من أجل العدالة والتحرّر فى تلك الأيام ، مثلت الثورة الصينية منارة .وماو نفسه كان معروف للغاية لكونه رفض بصرامة إيقاف الثورة فى نصف الطريق إذ ما إنفك وما توقف عن الكفاح فى سبيل عالم خال من الإنقسامات إلى طبقات وإلى أمم و إلى ممضطهِد ومضطهَد. والكثير من الناس من أساتذة و عمال وأطباء وعلماء وطلبة وثوريون من شتى البلدان زاروا الصين لمشاهدة المجتمع الإشتراكي الذى كان يبنى بقيادة ماو. وعاد الكثير منهم إلى ديارهم وقد ألهمهم ما رأوه وملأهم بالتفاؤل بإمكانية تحرير المجتمع حقا.
وفى الصين ذاتها ،وقّرت الجماهير ماو كقائد للطليعة الثورية فى الصين ،الحزب الشيوعي الصيني فهو قد قاد إلى النصر فى حرب التحرير التى دامت 22 سنة ضد كلّ من المحتلين الأجانب و الرجعيين المحليين.و بعد ذلك الكفاح الملحمي ، قاد الشعب فى بناء مجتمع جديد وحياة جديدة فى الصين الإشتراكية ،وفى المضي قدما فى الدفاع عن الثورة وتغيير المجتمع أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
لكن كان هنالك أيضا أولئك الذين عارضوا ماو ،بالضبط ضمن قيادة الحزب الشيوعي الصيني. مثل ماو ، ساهموا فى ثورة التحرير بيد انه على خلاف ماو لم تكن عيونهم مركزة على الطريق إلى الشيوعية. فى الحقيقة ، لم تتجاوز أهدافهم حقا بناء الصين لجعلها أمة قوية. وبإسم بناء صين قوية حديثة تبنوا برامجا وسياسات تعزّز جوهريا العلاقات والأفكار الرأسمالية.
وإثر وفاة ماو فى 1976 ،إفتكّ هؤلاء " أتباع الطريق الرأسمالي " فى الحزب الشيوعي الصيني السلطة وأطاحوا بالإشتراكية وأعادوا تركيز الرأسمالية وإعتقلوا مئات الآلاف وقتلوا الآلاف إبان الإنقلاب. وبالرغم من أن الحكومة الصينية واصلت دعوة نفسها إشتراكية وشيوعية، صارت الصين مذاك دولة رأسمالية. ودُمّرت مبادئ ماو التى ناضل من أجلها ،و حوّل حكام الصين الجدد ماوتسى تونغ إلى أيقونة قومية.
واليوم نشأت أجيال جديدة لاتعرف عن ماو والصين سوى الروايات الرسمية للطبقات الحاكمة...وللإعلام السائد.وما يعرفونه فى جزء كبير منه خاطئ تماما. يقال للناس إن ماو كان قاسيا "دكتاتورا مهووسا بالسلطة " إرتكب جرائم كبرى ضد الشعب. لكن الحقيقة هي أن ماو تسى تونغ كان شيوعيا ثوريا عظيما قاد ربع سكان الأرض لتحرير الصين من ربقة المضطهِدِين الإمبرياليين ثم إنتقل إلى بناء مجتمع تحرري إشتراكي لمدّة 25 سنة. ألا إن فهم حقيقة ماو مهمّة لكلّ شخص ذلك أن الثورة التى قادها مثّلت معلما رئيسيا من معالم التاريخ الإنساني وعلى كلّ شخص أن يعرف الحقيقة بشأن مثل هذه الثورة ومثل هذه الشخصية. وبالنسبة للذين يتطلعون حقا لتغيير العالم ، يكتسى الأمر درجة أكبر من الأهمية فتفكير ماو وممارسته الثوريين يشكلان جزءا حاسما فى أساس ونقطة إنطلاق إعادة بناء الحركة الشيوعية اليوم.
و إليكم القصّة الحقيقية لماوتسى تونغ و الثورة ذات البعد التاريخي العالمي التى قادها فى الصين.
-----------------------------------------
يتبع....حقيقة ماو تسي تونغ والثورة الشيوعية في الصين
ترجمة شادى الشماوي
مقدمة لشادي الشماوي:
بإعتباره مادي جدلي وليس مثالي ميتافيزيقي، إعترف ماو تسى تونغ بأن الحقيقة وليس الأوهام والخيالات تصبّ على الدوام فى خدمة الشعب ذلك أن الحقيقة مثلما قال لينين هي وحدها الثورية وأن تغيير الواقع الملموس يتطلب تفسيره تفسيرا صحيحا ماديا جدليا علميا وعندما أدرك ماو ان التحريفيين الخروتشوفيين – الطبقة البرجوازية الجديدة كما ستسمى لاحقا- قد إغتصبوا السلطة فى الإتحاد السوقياتي وحوّلوا دولة وحزب البروليتاريا اللذان قادهما لينين ثم ستالين إلى دولة وحزب برجوازيين وأعادوا تركيز الرأسمالية ودمروا الإشتراكية ، لم يتردّد كشيوعي صريح فى إقرار تلك الحقيقة المؤلمة للغاية ولم يهادن التحريفيين ولم يغضّ النظر عن سياساتهم الرجعية داخليا وخارجيا وبالتالي لم يسلك إزاءهم سلوكا إنتهازيا كما فعل بعض قادة الأحزاب الشيوعية الأخرى وإنما تحمّل بجسارة مسؤولية التصدّى لهم داخل الحركة الشيوعية العالمية ثمّ القطع معهم مهما كلفه و كلف الحزب و الدولة الصينيين و الحركة الثورية وفضحهم ودافع عن الماركسية-اللينينية ورموزها لينين و ستالين .وأكثر من ذلك عمل جاهدا لحثّ و قيادة الحركة الشيوعية العالمية فى إلحاق الهزيمة بالتحريفية المعاصرة من جهة و على البحث و التنقيب و الدراسة النقدية للتجربة السوفياتية لإستخلاص الدروس الإيجابية منها و السلبية خدمة للمستقبل وتشييد تجارب بروليتارية ثورية أرقى فأرقى.
وبفضل هذا الخط الماوي الثوري تمّت مقاومة التحريفية فى الصين و عالميا ونتيجة الجدال العظيم الذى قاده ماو تسى تونغ ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات و خاصة فى الستينات ولدت الحركة الماركسية-اللينينية وإن كانت القطيعة التى أجرتها تنظيمات و أحزاب شيوعية غير تامة أحيانا أومشوبة بإرث ثقيل من الإنتهازية و الدغمائية . وأبرز رموز الحركة الناشئة كان بلا منازع ماوتسى تونغ الذى زاد صيته وعلا أكثر نجمه مضيئا درب الثورة البروليتارية العالمية بتياريها الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية والديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية بقيادة شيوعية فى المستعمرات وأشباه المستعمرات ، مع قيادته للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمواصلة للثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
وعربيا و قطريا يشهد التاريخ رغم تنكّر البعض و تعنّتهم أن المجموعات الماركسية-اللينينية التى تشكّلت خارج الأحزاب الشيوعية التقليدية-التحريفية وبعيدا عن التروتسكية المفضوحة تبنّت بدرجة أو أخرى أفكار الحركة الماركسية-اللينينية التى كان ماوتسى تونغ ألمع قادتها . بيد أنه إثر هزيمة البروليتاريا والثورة الصينيين وإستيلاء الطبقة البرجوازية الجديدة الصينية على الحزب و الدولة و إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ،عقب وفاة ماو تسى تونغ فى 1976 ، عوض أن ترفع الحركة الماركسية-اللينينية راية ماوتسى تونغ الحمراء الخفاقة الثورية،و فى الوقت الذى كانت فيه التحريفية الصينية- البرجوازية الجديدة و على رأسها دنك سياو بينغ تكيل التشويه و تبثّ الضبابحول الماوية نظريا و تقبرها عمليا، تقدّم أنور خوجا ،زعيم حزب العمل الألباني ليهاجم بضراوة وفجاجة ماوتسى تونغ وأفكاره الثورية بشتى الوسائل المنحطّة البعيدة البعد كلّه عن الحقيقة والنزاهة و المنهج المادي الجدلي،و القائمة على الكذب و التزوير وإختلاق التهم .وإستغل الإنتهازيون داخل الحركة الماركسية-اللينينية عربيا و فى القطر خصوصا البلبلة داخل الحركة الشيوعية العالمية الناجمة عن نشر كتاب أنور خوجا الذى كان قبل ذلك يرفع ماو إلى السماء ("الإمبريالية و الثورة" ) ليخرجوا من جحورهم وينفثوا سمومهم فى محاولة لإهالة التراب على الشيوعية الثورية بما ييسّر لهم فرض برامجهم وتنظيماتهم الإصلاحية .وبعد سنوات من بثّ الشك و المراوغات نظمت حملة شعواء ضد الماوية بداية بالترويج لكتاب أنور خوجا ثم بنشر... كتب و "بحوث" مناهضة للماوية وقد نجحت التحريفية و الدغماتحريفية عربيا و قطريا فى هذا الهجوم السافر لأسباب متعدّدة ومعقدة ليس هذا مجال تفصيلها ،فى عزل الماوية ومحاصرتها وفى بسط هيمنة الإصلاحية و النقابوية على الحركة الشيوعية.
ومحاولات الردود الأولى قطريا التى طالت أنور خوجا ...لم تستمرّ كما ينبغى لتأخذ مداها و تتابع الكتب و "البحوث"...بالنقد التفصيلي و الصراع المبدئي لكشف تهافتهما بأسرع وقت ممكن لذلك تظل هذه المهمّة ، بعد عقود الآن ، قائمة الذات إذا ما رام الثوريون أن يعيدوا بناء حركة شيوعية ثورية حقا كجزء من الثورة البروليتارية العالمية خاصة و أن وقائع الصراع الطبقي عالميا أكّدت و لا تزال أن التيارات و المنظمات التى إنحرفت و نبذت الماوية كمرحلة ثالثة جديدة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمي إنتهت إلى التفسّخ و لم تعد ثورية بل أمست إصلاحية و نقابوية و ما إلى ذلك و أنّ الماويين المتمسّكين بالماركسية-اللينينية-الماوية قطعوا أشواطا فى تقييم الموجة/المرحلة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية و فى خوض الصراع الطبقي من موقع متقدّم بغاية تحقيق الهدف الأسمى ،الشيوعية و الماويون اليوم على راس أهمّ الحركات الثورية فى العالم لا سيما فى آسيا . بقدر ماإستوعبوا الماوية و رفعوا رايتها و دافعوان عنها و طبقوها و طوروها بقدر ما تقدّموا بالحركة الثورية البروليتارية و العكس بالنسبة لأعداء الماوية بقدر ما إبتعدوا عنها بقدر ما نزلوا إلى حضيض التفسّخ و الإنتهازية و الدغمائية و حتى الخدمة الجلية لأعداء الثورة.
وفى إطار هذه المعركة الفكرية الضرورية لتقدّم الماوية ،و بمناسبة الذكرى 60 لإنتصار الثورة فى الصين – سنة 1949- نساهم مساهمة بسيطة بهذه الترجمة لمقال ماوي من الصحافة الماوية عبرالعالم فى دحض الترهات الخوجية و الدفاع عن الماوية ورفع رايتها من خلال عرض مقتضب لحقيقة ماوتسى تونغ و الثورة الماوية فى الصين ينفض بعض الغبارالتحريفي و الرجعي العامل على حجب الماوية عن المثقفين و الجماهير ويقدّم بعض التوضيحات لمن له فكرة غير تامة عن موضوع الحال أو يمثّل مدخلا للإبحار فى دراسة جدّية للتعرّف على حقيقة الماوية كمرحلة جديدة ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية ،الماركسية-اللينينية-الماوية ،لا سيما بالنسبة للأجيال الجديدة.
ولأن التحريفين و الدغماتحريفيين الذين يروجون أباطيلا ملخّصها أن ماو ما كان يوما شيوعيا و أن الصين ما كانت يوما إشتراكية أقاموا صرح جانب كبير من نقدهم على عقد مقارنات دغمائية لاتصحّ بين ثورة أكتوبر والثورة الماوية فى الصين بمرحلتيها الديمقراطية و الإشتراكية رأينا قبل كلّ شيئ، فى ختام هذه المقدّمة ، أنه من الضروري أن ندع لينين و ماو يعطياننا فكرة عن الرابطة الحقيقية بين الثوريتين المختلفتين نوعيا و اللتين قامتا بقيادة البروليتاريا فى بلدين مختلفين : روسيا الإمبريالية و الصين المستعمرة وشبه المستعمرة شبه الإقطاعية .
ماو حول ثورة أكتوبر المجيدة و المسألة الوطنية :
" الحرب الإمبريالية العالمية الأولي و الثورة الإشتراكية الظافرة الأولي ، ثورة أكتوبر ، قد غيرتا إتجاه تاريخ العالم كله و إنتجتا عصرا جديدا .
ففى العصر الذى إنهارت فيه الجبهة الرأسمالية العالمية فى جزء من الكرة الأرضية (سدس مساحة الأرض) بينما ظهر للعيان تفسخ الرأسمالية فى أجزاءها الأخري ، العصر الذى أصبحت هذه الأجزاء الرأسمالية الباقية لا تستطيع أن تحيا فيه بدون مزيد من الإعتماد على المستعمرات و شبه المستعمرات ، العصر الذى قامت فيه دولة إشتراكية و أعلنت رغبتها فى خوض النضال من أجل دعم حركة التحرر فى جميع المستعمرات و شبه المستعمرات ، العصر الذى تتحرر فيه البروليتاريا فى البلدان الرأسمالية يوما فيوما من نفوذ الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية –الأحزاب الإشتراكية الإمبريالية –
و تعلن تأييدها لحركة التحرر فى المستعمرات و شبه المستعمرات ، فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازية العالمية و الرأسمالية العالمية ، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية العالمية بمفهومها القديم ، بل تنتسب إلى مفهوم جديد ، و لا تعد جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ،بل تعد جزءا من الثورة العالمية الجديدة ، أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية ، و إن مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثورية لم تعد تعتبر فى عداد حليفات الجبهة الرأسمالية العالمية المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكية العالمية الثورية .
و على الرغم من أن مثل هذه الثورة فى البلد المستعمر و شبه المستعمر لا تبرح خلال مرحلتها الأولى ثورة ديمقراطية برجوازية بصورة أساسية من حيث طبيعتها الإجتماعية ، وعلى الرغم من أن رسالتها الموضوعية هي تمهيد الطريق لتطور الرأسمالية ، إلا أنها ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازية و تهدف إلى إقامة مجتمع رأسمالي بل هي ثورة جديدة تقودها البروليتاريا و تهدف ، فى مرحلتها الأولى ، إلى إقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة و دولة خاضعة للدكتاتورية المشتركة التى تمارسها جميع الطبقات الثورية . و هكذا فإن هذه الثورة من ناحية أخرى تقوم ، على وجه التحديد ، بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطور الإشتراكية...
إن هذا التعريف الصحيح الذى طرحه الشيوعيون الصينيون يستند إلى نظرية ستالين .
فقد قال ستالن فى مقال كتبه فى عام 1918 إحياء للذكرى الأولى لثورة أكتوبر : " إن المغزى العالمي العظيم لثورة أكتوبر يتمثل بصورة رئيسية فى أنها :
1) وسعت إطار المسألة القومية إذ حولتها من مسألة جزئية خاصة بالنضال ضد الإضطهاد القومي فى أوروبا إلى مسألة عامة متعلقة بتحرر الأمم المضطهدة و المستعمرات و شبه المستعمرات من نير الإمبريالية ،
2) أتاحت إمكانية عريضة و شقت طرقا واقعية نحو تحقيق هذا التحرر ، وهي بذلك دفعت كثيرا قضية تحرر الأمم المضطهدة فى الغرب و الشرق و إجتذبت هذه الأمم إلى التيار العارم للنضال الظافر ضد الإمبريالية ،
3) أنشأت بذلك جسرا بين الغرب الإشتراكي و الشرق المستعبد ، إذ خلقت جبهة جديدة من الثورات ضد الأمبريالية العالمية تمتد من البروليتاريا فى الغرب ، عبر الثورة الروسية ، إلى الأمم المضطهدة فى الشرق ."
( ماو تسي تونغ –حول الديمقراطية الجديدة / م 2، ص 479-481 ، يناير –كانون الثانى 1940)
لينين حول مهمة إحداث طرق جديدة للثورة :
فى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، ورد على لسان لينين :" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق . و ينبغى لى أن أقول إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...
و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تسندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى . وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات ، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق ... هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا . لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة ..."
و جاءت تجربة الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية بقيادة الشيوعيين و على رأسهم ماو تسي تونغ لتخط بدماء الشعب الثوري طرقا جديدة للثورة ثم جاءت الثورة الثقافية البروليتارية الكبري طريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
نص لى أونستو من جريدة " الثورة" لسان الحزب الشيوعى الثوري للولايات المتحد الأمريكية :
القصّة الحقيقية لماو تسى تونغ و الثورة الشيوعية فى الصين.
فى الستينات و السبعينات ، كان ماوتسى تونغ من أشهر الناس عالميا. فقد قاد الشعب الصيني فى إنجاز الثورة رغم العقبات المتنوعة . وبالنسبة لملايين الذين كافحوا بحماس من أجل العدالة والتحرّر فى تلك الأيام ، مثلت الثورة الصينية منارة .وماو نفسه كان معروف للغاية لكونه رفض بصرامة إيقاف الثورة فى نصف الطريق إذ ما إنفك وما توقف عن الكفاح فى سبيل عالم خال من الإنقسامات إلى طبقات وإلى أمم و إلى ممضطهِد ومضطهَد. والكثير من الناس من أساتذة و عمال وأطباء وعلماء وطلبة وثوريون من شتى البلدان زاروا الصين لمشاهدة المجتمع الإشتراكي الذى كان يبنى بقيادة ماو. وعاد الكثير منهم إلى ديارهم وقد ألهمهم ما رأوه وملأهم بالتفاؤل بإمكانية تحرير المجتمع حقا.
وفى الصين ذاتها ،وقّرت الجماهير ماو كقائد للطليعة الثورية فى الصين ،الحزب الشيوعي الصيني فهو قد قاد إلى النصر فى حرب التحرير التى دامت 22 سنة ضد كلّ من المحتلين الأجانب و الرجعيين المحليين.و بعد ذلك الكفاح الملحمي ، قاد الشعب فى بناء مجتمع جديد وحياة جديدة فى الصين الإشتراكية ،وفى المضي قدما فى الدفاع عن الثورة وتغيير المجتمع أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
لكن كان هنالك أيضا أولئك الذين عارضوا ماو ،بالضبط ضمن قيادة الحزب الشيوعي الصيني. مثل ماو ، ساهموا فى ثورة التحرير بيد انه على خلاف ماو لم تكن عيونهم مركزة على الطريق إلى الشيوعية. فى الحقيقة ، لم تتجاوز أهدافهم حقا بناء الصين لجعلها أمة قوية. وبإسم بناء صين قوية حديثة تبنوا برامجا وسياسات تعزّز جوهريا العلاقات والأفكار الرأسمالية.
وإثر وفاة ماو فى 1976 ،إفتكّ هؤلاء " أتباع الطريق الرأسمالي " فى الحزب الشيوعي الصيني السلطة وأطاحوا بالإشتراكية وأعادوا تركيز الرأسمالية وإعتقلوا مئات الآلاف وقتلوا الآلاف إبان الإنقلاب. وبالرغم من أن الحكومة الصينية واصلت دعوة نفسها إشتراكية وشيوعية، صارت الصين مذاك دولة رأسمالية. ودُمّرت مبادئ ماو التى ناضل من أجلها ،و حوّل حكام الصين الجدد ماوتسى تونغ إلى أيقونة قومية.
واليوم نشأت أجيال جديدة لاتعرف عن ماو والصين سوى الروايات الرسمية للطبقات الحاكمة...وللإعلام السائد.وما يعرفونه فى جزء كبير منه خاطئ تماما. يقال للناس إن ماو كان قاسيا "دكتاتورا مهووسا بالسلطة " إرتكب جرائم كبرى ضد الشعب. لكن الحقيقة هي أن ماو تسى تونغ كان شيوعيا ثوريا عظيما قاد ربع سكان الأرض لتحرير الصين من ربقة المضطهِدِين الإمبرياليين ثم إنتقل إلى بناء مجتمع تحرري إشتراكي لمدّة 25 سنة. ألا إن فهم حقيقة ماو مهمّة لكلّ شخص ذلك أن الثورة التى قادها مثّلت معلما رئيسيا من معالم التاريخ الإنساني وعلى كلّ شخص أن يعرف الحقيقة بشأن مثل هذه الثورة ومثل هذه الشخصية. وبالنسبة للذين يتطلعون حقا لتغيير العالم ، يكتسى الأمر درجة أكبر من الأهمية فتفكير ماو وممارسته الثوريين يشكلان جزءا حاسما فى أساس ونقطة إنطلاق إعادة بناء الحركة الشيوعية اليوم.
و إليكم القصّة الحقيقية لماوتسى تونغ و الثورة ذات البعد التاريخي العالمي التى قادها فى الصين.
-----------------------------------------