[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
التاريخ الإسلامي .. عجائبه ونجائبه
حين نتحدث عن التاريخ الإسلامي وبطولاته وتضحياته لا نعني ولا نحدد ذلك بنسب أو جنس أو بيئة أو أي عامل طرأ عليه, إنما فقط نعني ما صنعه هذا الدين الذي أنزله الله تعالى, مِنة منه ونعمة, كما لا نعني أفرادًا قاموا بذلك فعلوه بأشخاصهم, وإنما كان ذلك بالإسلام وحده, أقبلوا عليه وأخلصوا له وضحوا لأجله, ولولاه لم يكونوا شيئًا {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10].
به تميزوا وتَحَضروا وسادوا وقادوا, وإلا فما الذي كان لديهم يعطونه ويقدمونه للآخرين, وهو ما عبر عنه ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس في القادسية, وقارن بين حالهم قبل الإسلام وبعده وفي كل الميادين الإنسانية والحضارية والاجتماعية, فتغير المجتمع كله وارتقى وأقام الحياة الكريمة الفاضلة {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103].
ويحدثنا التاريخ عن ذلك المجتمع الذي تحرر من أثقاله وأدرانه وقام بانيًا فارعًا, ارتقى قمم الحياة الإنسانية الفاضلة التي ما كانت تخطر على بال أو تَمُرُّ على ذاكرة, لكنها كانت بالإسلام واقعًا متحركًا مأمونًا على الدوام, وقامت في مجتمعه المعاني الإنسانية الغائبة وعاشت تموج بها الحياة في نوع من البشر جديد, إنسانيةً واستقامة وأمانة, كما هي علمًا وإنتاجًا وشجاعة..
عَرفت بهم الحياةُ لأول مرة الإنسانيةَ والعدالة الحقة والمحبة, وتغير بذلك الإنسان والحياة وفرحت بهم وانتشت البيئة والمكان, بل والحيوان, ورأت من ورائهم الحياة الإنسانية الفاضلة والحضارة الكريمة والفروسية الخَلوق, ولادتها الجديدة السليمة السالمة الأبية الطهور, فأحدثت في الحياة عجبًا لا يُصَدَّق لولا أنها مرئية متكررة متوهجة, فغدت الأرض غير الأرض عندما أشرقت بنورها وازّينت وأنبتت من كل زوج بهيج, فاستدار الزمان وعاد كما أراده الله يوم خلق السموات والأرض.
والحديث عن رقي المجتمع المسلم يتجاوز المباني العمرانية والإنجازات المادية, بل حتى أحيانًا النِّتاجات العلمية إلى رقي ذلك المجتمع في نوعيته وسلوكه وأخلاقياته, فما كان يمكن أن تُبنى تلك الصروح العالية والعجائب لولاه, وتأتي معانيه واضحة في سلوكه, فليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل, وبذلك ارتقوا من السفوح الهابطة إلى القمم السامقة, فكانوا مثالاً فريدًا, تشهد ذلك من خلال سلوكه وفعاله وتعاملاته.
هل يمكن أن نجد في التاريخ أمةً, أطفالها ونساؤها وشيوخها فضلاً عن رجالها, يهرعون باحثين عن طرق -مهما كانت شاقة- يخدمون بها هذا الدين تقربًا إلى الله تعالى وعلى منهجه, حتى لو كان في ذلك تقديم نفوسهم رخيصة له؟
والكلام عن المجتمع المسلم الذي رباه الإسلام باعتباره هو الذي يسوس أمورهم ويوجِّه حياتهم ويأخذ المسلم نفسه بمنهجه إيمانًا واحتسابًا, يفعله مقبلاً غير مدبر, مهما كانت التضحيات إلى مستوى اعتبر من العجائب الفريدة, وقدم نجائب الأحداث وعجائبها وكرائمها وبشائرها الندية التي أضاءت الحياة وارتقت بها إلى الفضائل.
والتاريخ الإسلامي مليء بهذه الصور التي زينته, تجدها مطمورة تحت أنقاض الشبهات والزيوف والتحريف, التي لم تدع جانبًا منه إلا هوت بفضائله وأضاعت مذاقه وأذابت قوة بيانه ومدلولاته وجمالاته, فكم من صورة باهرة -عُرضت بشكل باهت أو جائر حائر- جعلته مثيرًا للرثاء, إن لم يكن للازدراء, وهو في حقيقته يحمل الضياء الذي لو عرفه أهله بل حتى غير أهله, لأُعجبوا به وانجذبوا إليه, وهذا الغبش والعبث قد أحاط بالتاريخ الإسلامي في عمومه أفرادًا وجماعات ومجتمعًا, وهم الذين قدموا غالي التضحيات لبناء ذلك المجتمع الكريم, نساءً ورجالاً, شبابًا وأطفالاً. فهذه عفراء وموقفها -مع أولادها الثلاثة- في غزوة بدر (17 رمضان, 2هـ).
وهذه أم سعد بن معاذ سيد الأوس حين تأخر ابنها قليلاً عن الالتحاق بغزوة الخندق، خرجت تحثه قائلةً له: لقد تأخرت يا سعد. ولما انتهى من استعداده خرج يهرول وهو يرتجز:
لَبِّثْ قليلاً يَشْهَد الهيجا حَمَلْ
لا بأس بالموت إذا حان الأجلْ
التاريخ الإسلامي .. عجائبه ونجائبه
حين نتحدث عن التاريخ الإسلامي وبطولاته وتضحياته لا نعني ولا نحدد ذلك بنسب أو جنس أو بيئة أو أي عامل طرأ عليه, إنما فقط نعني ما صنعه هذا الدين الذي أنزله الله تعالى, مِنة منه ونعمة, كما لا نعني أفرادًا قاموا بذلك فعلوه بأشخاصهم, وإنما كان ذلك بالإسلام وحده, أقبلوا عليه وأخلصوا له وضحوا لأجله, ولولاه لم يكونوا شيئًا {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10].
به تميزوا وتَحَضروا وسادوا وقادوا, وإلا فما الذي كان لديهم يعطونه ويقدمونه للآخرين, وهو ما عبر عنه ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس في القادسية, وقارن بين حالهم قبل الإسلام وبعده وفي كل الميادين الإنسانية والحضارية والاجتماعية, فتغير المجتمع كله وارتقى وأقام الحياة الكريمة الفاضلة {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103].
ويحدثنا التاريخ عن ذلك المجتمع الذي تحرر من أثقاله وأدرانه وقام بانيًا فارعًا, ارتقى قمم الحياة الإنسانية الفاضلة التي ما كانت تخطر على بال أو تَمُرُّ على ذاكرة, لكنها كانت بالإسلام واقعًا متحركًا مأمونًا على الدوام, وقامت في مجتمعه المعاني الإنسانية الغائبة وعاشت تموج بها الحياة في نوع من البشر جديد, إنسانيةً واستقامة وأمانة, كما هي علمًا وإنتاجًا وشجاعة..
عَرفت بهم الحياةُ لأول مرة الإنسانيةَ والعدالة الحقة والمحبة, وتغير بذلك الإنسان والحياة وفرحت بهم وانتشت البيئة والمكان, بل والحيوان, ورأت من ورائهم الحياة الإنسانية الفاضلة والحضارة الكريمة والفروسية الخَلوق, ولادتها الجديدة السليمة السالمة الأبية الطهور, فأحدثت في الحياة عجبًا لا يُصَدَّق لولا أنها مرئية متكررة متوهجة, فغدت الأرض غير الأرض عندما أشرقت بنورها وازّينت وأنبتت من كل زوج بهيج, فاستدار الزمان وعاد كما أراده الله يوم خلق السموات والأرض.
والحديث عن رقي المجتمع المسلم يتجاوز المباني العمرانية والإنجازات المادية, بل حتى أحيانًا النِّتاجات العلمية إلى رقي ذلك المجتمع في نوعيته وسلوكه وأخلاقياته, فما كان يمكن أن تُبنى تلك الصروح العالية والعجائب لولاه, وتأتي معانيه واضحة في سلوكه, فليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل, وبذلك ارتقوا من السفوح الهابطة إلى القمم السامقة, فكانوا مثالاً فريدًا, تشهد ذلك من خلال سلوكه وفعاله وتعاملاته.
هل يمكن أن نجد في التاريخ أمةً, أطفالها ونساؤها وشيوخها فضلاً عن رجالها, يهرعون باحثين عن طرق -مهما كانت شاقة- يخدمون بها هذا الدين تقربًا إلى الله تعالى وعلى منهجه, حتى لو كان في ذلك تقديم نفوسهم رخيصة له؟
والكلام عن المجتمع المسلم الذي رباه الإسلام باعتباره هو الذي يسوس أمورهم ويوجِّه حياتهم ويأخذ المسلم نفسه بمنهجه إيمانًا واحتسابًا, يفعله مقبلاً غير مدبر, مهما كانت التضحيات إلى مستوى اعتبر من العجائب الفريدة, وقدم نجائب الأحداث وعجائبها وكرائمها وبشائرها الندية التي أضاءت الحياة وارتقت بها إلى الفضائل.
والتاريخ الإسلامي مليء بهذه الصور التي زينته, تجدها مطمورة تحت أنقاض الشبهات والزيوف والتحريف, التي لم تدع جانبًا منه إلا هوت بفضائله وأضاعت مذاقه وأذابت قوة بيانه ومدلولاته وجمالاته, فكم من صورة باهرة -عُرضت بشكل باهت أو جائر حائر- جعلته مثيرًا للرثاء, إن لم يكن للازدراء, وهو في حقيقته يحمل الضياء الذي لو عرفه أهله بل حتى غير أهله, لأُعجبوا به وانجذبوا إليه, وهذا الغبش والعبث قد أحاط بالتاريخ الإسلامي في عمومه أفرادًا وجماعات ومجتمعًا, وهم الذين قدموا غالي التضحيات لبناء ذلك المجتمع الكريم, نساءً ورجالاً, شبابًا وأطفالاً. فهذه عفراء وموقفها -مع أولادها الثلاثة- في غزوة بدر (17 رمضان, 2هـ).
وهذه أم سعد بن معاذ سيد الأوس حين تأخر ابنها قليلاً عن الالتحاق بغزوة الخندق، خرجت تحثه قائلةً له: لقد تأخرت يا سعد. ولما انتهى من استعداده خرج يهرول وهو يرتجز:
لَبِّثْ قليلاً يَشْهَد الهيجا حَمَلْ
لا بأس بالموت إذا حان الأجلْ