[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الوقف الخيري وأثره في تاريخ المسلمين
المجتمع المسلم مجتمع متراحم متكافل، يرحم الكبير فيه الصغير، ويعطف فيه الغنيُّ على الفقير، ويأخذ القويُّ بيد الضعيف، وهو كما صوَّره الرسول الكريم : كالجسد الواحد وكالبنيان يشدُّ بعضه بعضا .
تسود هذا المجتمع عندما يستمسك بتعاليم الإسلام : عواطف خيِّرة، ومشاعر إنسانية نبيلة، تفيض بالخير والبرِّ، وتتدفَّق بالرحمة والإحسان، تجلَّت هذه المشاعر والعواطف فيما عُرف بنظام (الوقف الخيري) عند المسلمين .
وهذا النظام ثابت من عهد النبوة، ومن المعروف أن أول وقف عُرف في الإسلام، هو وقف عمر بن الخطاب .
فقد روى الجماعة عن ابن عمر : أن عمر أصاب أرضا من أرض خيبر فقال : يا رسول الله ! إني أصبتُ أرضا بخيبر، لم أُصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني؟ قال: " إن شئتَ حبَّستَ أصلها وتصدَّقتَ بها " قال : فتصدَّق بها عمر - على أن لا تُباع ولا تُوهب ولا تُورث - في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل، لا جناح على مَن وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متموِّل ، وفي لفظ : غير متأثِّل مالا.
وفي رواية البخاري: " حبِّسْ أصلها، وسَبِّلْ ثمرتها " وفي أخرى له : " تصدَّق بثمره، وحبِّس أصله " وفي رواية للبيهقي " تصدَّق بثمره وحبِّس أصله لا يباع ولا يورث "
وفي حديث عمرو بن دينار قال في صدقة عمر : ليس على الولي جناح أن يأكل ويؤكِّل صديقا له غير متأثِّل، قال : وكان ابن عمر هو يلي صدقة عمر، ويهدي لناس من أهل مكة كان ينزل عليهم .
وفيه من الفقه : أن مَن وقف شيئا على صنف من الناس وولده منهم دخل فيه .
وعن عثمان : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدِم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رُومة، فقال : " مَن يشتري بئر رُومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة " فاشتريتها من صلب مالي .
فقد سجَّل التاريخ لكثير من أهل الخير والثراء من المسلمين : أنهم وقفوا - بدافع الرحمة التي قذفها الإيمان في قلوبهم، والرغبة في مثوبة الله لهم، وألاَّ ينقطع عملهم بعد موتهم - أموالهم كلَّها أو بعضها على إطعام الجائع، وسقاية الظمآن، وكسوة العريان، وإعانة المحروم، ومداواة المريض، وإيواء المشرَّد، وكفالة الأرملة واليتيم، وعلى كلِّ غرض إنساني شريف، بل أشركوا في برِّهم الحيوان مع الإنسان .
ولنقرأ هنا فقرات من بيان وزير الأوقاف المصري الشيخ أحمد حسن الباقوري، الذي ألقاه في مجلس الشعب المصري، مبينا مآثر الوقف الخيري الإسلامي .
قال رحمه الله : ولقد تأخذ أحدنا الدهشة - وهو يستعرض حُجَج الواقفين - ليرى القوم في نبل نفوسهم، ويقظة ضمائرهم، وعلوِّ إنسانيتهم، بل سلطان دينهم عليهم : يتخيَّرون الأغراض الشريفة التي يقفون لها أموالهم، ويرجون أن تنفق في سبيل تحقيقها هذه الأموال .
وربما استشرفت النفوس إلى أمثلة من هذا البرِّ يعين ذكرها على تفصيل هذا الإجمال ، فإلى هذه النفوس المستشرفة نسوق هذه الأمثلة :
وقف الأواني المكسورة :
وهو وقف تُشتري منه صحاف الخزف الصيني ، فكلُّ خادم كُسرت آنيته، وتعرَّض لغضب مخدومه له أن يذهب إلى إدارة الوقف فيترك الإناء المكسور، ويأخذ إناء صحيحًا بدلاً منه ، وبهذا ينجو من غضب مخدومه عليه .
وقف الكلاب الضالَّة :
وهو وقف في عدَّة جهات يُنفق من رَيعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب، استنقاذًا لها من عذاب الجوع، حتى تستريح بالموت أو الاقتناء .
وقف إعارة الحليِّ في الأعراس :
وهو وقف لإعارة الحُلي والزينة في الأعراس والأفراح، يستعير الفقراء منه ما يلزمهم في أفراحهم وأعراسهم، ثم يعيدون ما استعاروه إلى مكانه ، وبهذه يتيسَّر للفقير أن يبرز يوم عرسه بحُلَّة لائقة، ولعروسه أن تجلَّى في حُلَّة رائقة، حتى يكتمل الشعور بالفرح، وتنجبر الخواطر المكسورة .
الوقف الخيري وأثره في تاريخ المسلمين
المجتمع المسلم مجتمع متراحم متكافل، يرحم الكبير فيه الصغير، ويعطف فيه الغنيُّ على الفقير، ويأخذ القويُّ بيد الضعيف، وهو كما صوَّره الرسول الكريم : كالجسد الواحد وكالبنيان يشدُّ بعضه بعضا .
تسود هذا المجتمع عندما يستمسك بتعاليم الإسلام : عواطف خيِّرة، ومشاعر إنسانية نبيلة، تفيض بالخير والبرِّ، وتتدفَّق بالرحمة والإحسان، تجلَّت هذه المشاعر والعواطف فيما عُرف بنظام (الوقف الخيري) عند المسلمين .
وهذا النظام ثابت من عهد النبوة، ومن المعروف أن أول وقف عُرف في الإسلام، هو وقف عمر بن الخطاب .
فقد روى الجماعة عن ابن عمر : أن عمر أصاب أرضا من أرض خيبر فقال : يا رسول الله ! إني أصبتُ أرضا بخيبر، لم أُصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني؟ قال: " إن شئتَ حبَّستَ أصلها وتصدَّقتَ بها " قال : فتصدَّق بها عمر - على أن لا تُباع ولا تُوهب ولا تُورث - في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل، لا جناح على مَن وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متموِّل ، وفي لفظ : غير متأثِّل مالا.
وفي رواية البخاري: " حبِّسْ أصلها، وسَبِّلْ ثمرتها " وفي أخرى له : " تصدَّق بثمره، وحبِّس أصله " وفي رواية للبيهقي " تصدَّق بثمره وحبِّس أصله لا يباع ولا يورث "
وفي حديث عمرو بن دينار قال في صدقة عمر : ليس على الولي جناح أن يأكل ويؤكِّل صديقا له غير متأثِّل، قال : وكان ابن عمر هو يلي صدقة عمر، ويهدي لناس من أهل مكة كان ينزل عليهم .
وفيه من الفقه : أن مَن وقف شيئا على صنف من الناس وولده منهم دخل فيه .
وعن عثمان : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدِم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رُومة، فقال : " مَن يشتري بئر رُومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة " فاشتريتها من صلب مالي .
فقد سجَّل التاريخ لكثير من أهل الخير والثراء من المسلمين : أنهم وقفوا - بدافع الرحمة التي قذفها الإيمان في قلوبهم، والرغبة في مثوبة الله لهم، وألاَّ ينقطع عملهم بعد موتهم - أموالهم كلَّها أو بعضها على إطعام الجائع، وسقاية الظمآن، وكسوة العريان، وإعانة المحروم، ومداواة المريض، وإيواء المشرَّد، وكفالة الأرملة واليتيم، وعلى كلِّ غرض إنساني شريف، بل أشركوا في برِّهم الحيوان مع الإنسان .
ولنقرأ هنا فقرات من بيان وزير الأوقاف المصري الشيخ أحمد حسن الباقوري، الذي ألقاه في مجلس الشعب المصري، مبينا مآثر الوقف الخيري الإسلامي .
قال رحمه الله : ولقد تأخذ أحدنا الدهشة - وهو يستعرض حُجَج الواقفين - ليرى القوم في نبل نفوسهم، ويقظة ضمائرهم، وعلوِّ إنسانيتهم، بل سلطان دينهم عليهم : يتخيَّرون الأغراض الشريفة التي يقفون لها أموالهم، ويرجون أن تنفق في سبيل تحقيقها هذه الأموال .
وربما استشرفت النفوس إلى أمثلة من هذا البرِّ يعين ذكرها على تفصيل هذا الإجمال ، فإلى هذه النفوس المستشرفة نسوق هذه الأمثلة :
وقف الأواني المكسورة :
وهو وقف تُشتري منه صحاف الخزف الصيني ، فكلُّ خادم كُسرت آنيته، وتعرَّض لغضب مخدومه له أن يذهب إلى إدارة الوقف فيترك الإناء المكسور، ويأخذ إناء صحيحًا بدلاً منه ، وبهذا ينجو من غضب مخدومه عليه .
وقف الكلاب الضالَّة :
وهو وقف في عدَّة جهات يُنفق من رَيعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب، استنقاذًا لها من عذاب الجوع، حتى تستريح بالموت أو الاقتناء .
وقف إعارة الحليِّ في الأعراس :
وهو وقف لإعارة الحُلي والزينة في الأعراس والأفراح، يستعير الفقراء منه ما يلزمهم في أفراحهم وأعراسهم، ثم يعيدون ما استعاروه إلى مكانه ، وبهذه يتيسَّر للفقير أن يبرز يوم عرسه بحُلَّة لائقة، ولعروسه أن تجلَّى في حُلَّة رائقة، حتى يكتمل الشعور بالفرح، وتنجبر الخواطر المكسورة .