[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الـحـجـاز وتـجـارة صـدر الإسـلام
د. إبراهيم بيضون: الحجاز نت
1 ـ مفهوم التجارة عند العرب
التجارة لغة تعني من باع وشرى(1)، والتاجر اصطلاحا ترادف لدى العرب مع الخمٌار(2) أو مع الفاجر(3)، وربما تخفيفاً مع الحاذق(4)، بعد اتخاذ التجارة حيزها الكبير في ظل المتغيرات التي جعلت من مكة حاضرة وحلقة مركزية للتجارة خلال القرن السادس الميلادي. فقد استطاعت هذه الحاضرة، مستفيدة من وجود الكعبة... التحول من سوق محلية للقبائل القريبة والبعيدة، الى سوق للمنطقة بكاملها عبر المثلث التجاري الكبير ما بين الخليج واليمن والشام.
وكان من الممكن ان يحدث هذا التحول صراعاً مبكراً في الحجاز، بين البداوة التي كان لها نمطها الانتاجي المتعارض مع النمط الجديد الذي أخذ يسود في مكة ومراكز الاستقرار المرتبطة بها، لو لم تبادر مكة الى التوفيق بين الانماط السائدة في اطار منظومة ''الإيلاف''التي جعلت القبائل العربية أو معظمها تندرج في هذه المنظومة التجارية، فتتخلى عن الحذر ازاء هذه الحرفة التي لم تعد حقيرة في المفهوم البدوي، بعد اشتباك مصالح القبيلة بالتجارة المكية الواسعة.
ومن هذا المننظور، فان التجارة ترادفت مع الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، وتحديداً في الحجاز الذي قدر له ان يتلقف دور اليمن، أول مراكز الاستقرار العربية قبل الاسلام، متزامناً مع هجرة التجارة من خطوطها التقليدية التي جعلتها الحروب الساسانية ـ البيزنطية محظورة أو غير آمنة، الى منطقة البحار العربي في الجنوب(5)، وانعطافها الشمالي براً باتجاه الشام، ذلك الطريق الذي أخذ ينمو بعيداً عن خطر البيزنطيين أو هيمنة الفرس(6). واذا كانت مكة في ظل زعامتها القرشية، قد نجحت في استيعاب البداوة دون تحجيمها، حيث بقيت الاخيرة قائمة كمضمون اجتماعي في الحياة المكية، فانها نجحت كذلك في اختراق مفاهيم القبائل وترويض مزاجها بما يتلاءم وحياتها الجديدة. على ان هذه القبائل، لم تخضع في المطلق لهذه المتغيرات التي انعكست على تلك المقيمة في الاسواق أو في محطات القوافل، بينما الضاربة في البوادي، ظلت خارج الحركة التجارية، المتمركزة في الحواضر. ولذلك فان ثمة انماطاً ثلاثة سادت شبه الجزيرة العربية قبل الاسلام:
1ـ نمط زراعي، انطلاقاً من اليمن الى بعض المراكز الخصبة في الحجاز (الطائف - يثرب) واليمامة.
2 ـ نمط تجاري تمحور في مكة، حيث انتشرت قوافل قريش في شبه الجزيرة والاقطار المتصلة بها أو المجاورة لها.
3 ـ نمط بدوي(7) في الوسط في نجد، لم يأخذ بهذه أو تلك من وسائل التكسب، وظل محافظاً على قيمه وتقاليده الاجتماعية والاقتصادية.
ولذلك فان اقتران التاجر مع الفاجر كما سبق القول، أو اقترانه مع الخائن كما في قول آخر(، انما هو موقف فقهي لا يبطن سوى التحذير من استغراق التجار في أرباحهم، وما يؤديه الى استكثار المال وادخاره لا ليصرف الى الخيرات والصدقات، كما عبر الغزالي(9)؛ فالتجارة هنا ''مذمومة'' اذا تلازمت مع الاحتكار والشراهة والإكراه وبيع السلع المحظورة وعدم الالتزام بالصدقات(10)، وغير ذلك مما صيغت شروطه في النص القرآني. وفي هذا السياق كان للفقهاء أو بعضهم رأي غير ايجابي في التجارة والتجار وتجاوز الواقع الى التنظير، على نحو بدا فيه الاسلام، وكأنه ثورة على التجارة المرتبطة كنظام بالوثنية العربية، وقد عزز هذه النظرة، غياب الوقائع ذات الصلة بالتجارة أو شؤون الكسب الاخرى كالزراعة والصناعة في معرض التحدث عن شؤون المسلمين وشجونهم بعد الهجرة الى المدينة وتأسيس الدولة الأولى في الإسلام.
و لعل هذا الفراغ التجاري ـ اذا جاز التعبير ـ ما بين الحاضرة والدولة، أو ما بين مكة والمدينة، هو أحدى الإشكاليات الي أسفرت عنها الهجرة والدولة فضلا عن الفتوح فيما بعد. فمن المؤكد ان التجارة لم تكن بين الرموز المتهاوية مع النظام القرشي والاصنام والأحلاف ودار الندوة وبقية الرموز الوثنية، ولكن النمط الانتاجي في ''المدينة الاسلامية'' لم يعد تجارياً بحتاً. وإنما تدخلت عدة عناصر الى جانب التجارة في تأمين الرزق للمجتمع الاسلامي فيها خلافاً للمجتمع المكي، الذي كانت التجارة محوره بصورة مطلقة. وفي ضوء ذلك، فان التجارة التي انتظمت فيها الطاقة الخلاقة وتبلورت الشخصية الدؤوبة للعرب قبل الاسلام، غير منفصلة عن التحولات الجذرية التي انطلقت من مكة ذات السمة التجارية الطاغية. ففي مأثورات العهود الاولى من الاسلام، تترادف التجارة مع الكسب لدى ابن آدم في معرض الاشارة الى فضل التجارة، وذلك استنادا الى الآية الكريمة (انفقوا من طيبات ما كسبتم)(11) تمايزاً عما يخرج من الأرض(12) الذي قصد به النخل حسب المصدر نفسه.
والواقع ان التجارة المقترنة بالكسب، كما عبر عنها يحيى بن آدم، كانت مهنة قريش، متخذة بفضلها تلك المكانة العالية بين القبائل العربية، ليس على الصعيد الاقتصادي وحسب، ولكن على الصعيد السياسي أيضاً، فقد اكتسبت السيادة القرشية و''شرعيتها'' بسبب التجارة على هذه القبائل التي انتظمت بدورها في ظل حد أدنى من الوحدة السياسية، مما يفسر مواجهتها لأي مساس بهذا الواقع، الذي يمس برأيها هذه الشرعية. ومن هنا يمكن تسويغ القلق الذي سيطر على هذه القبائل، وموقعها الحاسم من تمرد بعض البطون القيسية في الحجاز على قريش في اطار ما سمي بحروب الفجار(13) نتيجة هذه التمرد على ''شرعية'' الاخيرة.
وكان لابن خلدون رأي أكثر واقعية، وأقل تأثراً بمقولات الفقهاء غير المتعاطفة بصورة عامة مع التجارة والمرتابة بالتجار، فالتجارة برأيه محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص وبيعها بالغلاء ايا كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش، وذلك القدر النامي يسمى ربحاً. فالمحاول لذلك الربح اما ان يختزن السلعة ويتحين بها حوالة الاسواق من الرخص الى الغلاء فيعظم، وهي عنده تنحصر في كلمتين - حسب تعبيره ـ ''اشتراء الرخيص وبيع الغالي''(15) مراقباً التاجر خلال ذلك احوال السوق، واما يخزن السلعة أو الانتقال بها الى مكان آخر، وذلك توخياً للربح، ولكن دون ان يحدد لنا ابن خلدون ماهية هذا الربح ومشروعيته، أو يوضح علاقة (الاختزان) بالاحتكار المرفوض في التجارة، ولكن سرعان ما يتجنب استخدام هذه العبارة في السياق التالي، مستعيضاً عنها بالانتظار كما في قوله عن التجارة بانها ''تنمية المال بشراء البضائع ومحاولة بيعها بأعلى من ثمن الشراء، اما بانتظار حوالة الاسواق أو نقلها الى بلد هي فيه أنفق وأعلى أو بيعها بالغلاء على الآجال، وهذا الربح بالنسبة الى اصل المال يسير، إلا أن المال اذا كان كثيراً عظم الربح لأن القليل في الكثير كثير''(16). اما الاحتكار فقد افرد له ابن خلدون فصلاً خاصاً. ورأى أنه ''مشؤوم'' و''ربحه'' فاسد(17) اذ ان المشكلة برأيه ليست في التجارة ولكن في البيع، في ان التاجر مدفوع الى معاناة البيع والشراء وجلب الفوائد والارباح ولا بد في ذلك من المكايسة والمماحكة والتحذلق وممارسة الخصومات واللجاج وهي عوارض هذه الحرفة وهذه الاوصاف نقص من الذكاء والمروءة(18).
والوقع ان ابن خلدون في تعرضه لمسألة التجارة على الرغم من منهجه الواقعي المعروف خاضع في احكامه لتجربة أو أكثر من التجارب التي عايشها عن كثب في المغرب والاندلس، حيث التمزق السياسي بلغ ذروته مع نشوء دويلات عدة على هامش الخلافة أو ''الخلافات'' الاسلامية، لم يكن النص القرآني بارزاً فيها على الصعيد التنظيمي، كما كان الأمر عليه في صدر الاسلام، بما في ذلك التجارة التي اتخذت دورها الفاعل في الحياة السياسية والاجتماعية، وحتى الدينية في ذلك الحين.
الـحـجـاز وتـجـارة صـدر الإسـلام
د. إبراهيم بيضون: الحجاز نت
1 ـ مفهوم التجارة عند العرب
التجارة لغة تعني من باع وشرى(1)، والتاجر اصطلاحا ترادف لدى العرب مع الخمٌار(2) أو مع الفاجر(3)، وربما تخفيفاً مع الحاذق(4)، بعد اتخاذ التجارة حيزها الكبير في ظل المتغيرات التي جعلت من مكة حاضرة وحلقة مركزية للتجارة خلال القرن السادس الميلادي. فقد استطاعت هذه الحاضرة، مستفيدة من وجود الكعبة... التحول من سوق محلية للقبائل القريبة والبعيدة، الى سوق للمنطقة بكاملها عبر المثلث التجاري الكبير ما بين الخليج واليمن والشام.
وكان من الممكن ان يحدث هذا التحول صراعاً مبكراً في الحجاز، بين البداوة التي كان لها نمطها الانتاجي المتعارض مع النمط الجديد الذي أخذ يسود في مكة ومراكز الاستقرار المرتبطة بها، لو لم تبادر مكة الى التوفيق بين الانماط السائدة في اطار منظومة ''الإيلاف''التي جعلت القبائل العربية أو معظمها تندرج في هذه المنظومة التجارية، فتتخلى عن الحذر ازاء هذه الحرفة التي لم تعد حقيرة في المفهوم البدوي، بعد اشتباك مصالح القبيلة بالتجارة المكية الواسعة.
ومن هذا المننظور، فان التجارة ترادفت مع الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، وتحديداً في الحجاز الذي قدر له ان يتلقف دور اليمن، أول مراكز الاستقرار العربية قبل الاسلام، متزامناً مع هجرة التجارة من خطوطها التقليدية التي جعلتها الحروب الساسانية ـ البيزنطية محظورة أو غير آمنة، الى منطقة البحار العربي في الجنوب(5)، وانعطافها الشمالي براً باتجاه الشام، ذلك الطريق الذي أخذ ينمو بعيداً عن خطر البيزنطيين أو هيمنة الفرس(6). واذا كانت مكة في ظل زعامتها القرشية، قد نجحت في استيعاب البداوة دون تحجيمها، حيث بقيت الاخيرة قائمة كمضمون اجتماعي في الحياة المكية، فانها نجحت كذلك في اختراق مفاهيم القبائل وترويض مزاجها بما يتلاءم وحياتها الجديدة. على ان هذه القبائل، لم تخضع في المطلق لهذه المتغيرات التي انعكست على تلك المقيمة في الاسواق أو في محطات القوافل، بينما الضاربة في البوادي، ظلت خارج الحركة التجارية، المتمركزة في الحواضر. ولذلك فان ثمة انماطاً ثلاثة سادت شبه الجزيرة العربية قبل الاسلام:
1ـ نمط زراعي، انطلاقاً من اليمن الى بعض المراكز الخصبة في الحجاز (الطائف - يثرب) واليمامة.
2 ـ نمط تجاري تمحور في مكة، حيث انتشرت قوافل قريش في شبه الجزيرة والاقطار المتصلة بها أو المجاورة لها.
3 ـ نمط بدوي(7) في الوسط في نجد، لم يأخذ بهذه أو تلك من وسائل التكسب، وظل محافظاً على قيمه وتقاليده الاجتماعية والاقتصادية.
ولذلك فان اقتران التاجر مع الفاجر كما سبق القول، أو اقترانه مع الخائن كما في قول آخر(، انما هو موقف فقهي لا يبطن سوى التحذير من استغراق التجار في أرباحهم، وما يؤديه الى استكثار المال وادخاره لا ليصرف الى الخيرات والصدقات، كما عبر الغزالي(9)؛ فالتجارة هنا ''مذمومة'' اذا تلازمت مع الاحتكار والشراهة والإكراه وبيع السلع المحظورة وعدم الالتزام بالصدقات(10)، وغير ذلك مما صيغت شروطه في النص القرآني. وفي هذا السياق كان للفقهاء أو بعضهم رأي غير ايجابي في التجارة والتجار وتجاوز الواقع الى التنظير، على نحو بدا فيه الاسلام، وكأنه ثورة على التجارة المرتبطة كنظام بالوثنية العربية، وقد عزز هذه النظرة، غياب الوقائع ذات الصلة بالتجارة أو شؤون الكسب الاخرى كالزراعة والصناعة في معرض التحدث عن شؤون المسلمين وشجونهم بعد الهجرة الى المدينة وتأسيس الدولة الأولى في الإسلام.
و لعل هذا الفراغ التجاري ـ اذا جاز التعبير ـ ما بين الحاضرة والدولة، أو ما بين مكة والمدينة، هو أحدى الإشكاليات الي أسفرت عنها الهجرة والدولة فضلا عن الفتوح فيما بعد. فمن المؤكد ان التجارة لم تكن بين الرموز المتهاوية مع النظام القرشي والاصنام والأحلاف ودار الندوة وبقية الرموز الوثنية، ولكن النمط الانتاجي في ''المدينة الاسلامية'' لم يعد تجارياً بحتاً. وإنما تدخلت عدة عناصر الى جانب التجارة في تأمين الرزق للمجتمع الاسلامي فيها خلافاً للمجتمع المكي، الذي كانت التجارة محوره بصورة مطلقة. وفي ضوء ذلك، فان التجارة التي انتظمت فيها الطاقة الخلاقة وتبلورت الشخصية الدؤوبة للعرب قبل الاسلام، غير منفصلة عن التحولات الجذرية التي انطلقت من مكة ذات السمة التجارية الطاغية. ففي مأثورات العهود الاولى من الاسلام، تترادف التجارة مع الكسب لدى ابن آدم في معرض الاشارة الى فضل التجارة، وذلك استنادا الى الآية الكريمة (انفقوا من طيبات ما كسبتم)(11) تمايزاً عما يخرج من الأرض(12) الذي قصد به النخل حسب المصدر نفسه.
والواقع ان التجارة المقترنة بالكسب، كما عبر عنها يحيى بن آدم، كانت مهنة قريش، متخذة بفضلها تلك المكانة العالية بين القبائل العربية، ليس على الصعيد الاقتصادي وحسب، ولكن على الصعيد السياسي أيضاً، فقد اكتسبت السيادة القرشية و''شرعيتها'' بسبب التجارة على هذه القبائل التي انتظمت بدورها في ظل حد أدنى من الوحدة السياسية، مما يفسر مواجهتها لأي مساس بهذا الواقع، الذي يمس برأيها هذه الشرعية. ومن هنا يمكن تسويغ القلق الذي سيطر على هذه القبائل، وموقعها الحاسم من تمرد بعض البطون القيسية في الحجاز على قريش في اطار ما سمي بحروب الفجار(13) نتيجة هذه التمرد على ''شرعية'' الاخيرة.
وكان لابن خلدون رأي أكثر واقعية، وأقل تأثراً بمقولات الفقهاء غير المتعاطفة بصورة عامة مع التجارة والمرتابة بالتجار، فالتجارة برأيه محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص وبيعها بالغلاء ايا كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش، وذلك القدر النامي يسمى ربحاً. فالمحاول لذلك الربح اما ان يختزن السلعة ويتحين بها حوالة الاسواق من الرخص الى الغلاء فيعظم، وهي عنده تنحصر في كلمتين - حسب تعبيره ـ ''اشتراء الرخيص وبيع الغالي''(15) مراقباً التاجر خلال ذلك احوال السوق، واما يخزن السلعة أو الانتقال بها الى مكان آخر، وذلك توخياً للربح، ولكن دون ان يحدد لنا ابن خلدون ماهية هذا الربح ومشروعيته، أو يوضح علاقة (الاختزان) بالاحتكار المرفوض في التجارة، ولكن سرعان ما يتجنب استخدام هذه العبارة في السياق التالي، مستعيضاً عنها بالانتظار كما في قوله عن التجارة بانها ''تنمية المال بشراء البضائع ومحاولة بيعها بأعلى من ثمن الشراء، اما بانتظار حوالة الاسواق أو نقلها الى بلد هي فيه أنفق وأعلى أو بيعها بالغلاء على الآجال، وهذا الربح بالنسبة الى اصل المال يسير، إلا أن المال اذا كان كثيراً عظم الربح لأن القليل في الكثير كثير''(16). اما الاحتكار فقد افرد له ابن خلدون فصلاً خاصاً. ورأى أنه ''مشؤوم'' و''ربحه'' فاسد(17) اذ ان المشكلة برأيه ليست في التجارة ولكن في البيع، في ان التاجر مدفوع الى معاناة البيع والشراء وجلب الفوائد والارباح ولا بد في ذلك من المكايسة والمماحكة والتحذلق وممارسة الخصومات واللجاج وهي عوارض هذه الحرفة وهذه الاوصاف نقص من الذكاء والمروءة(18).
والوقع ان ابن خلدون في تعرضه لمسألة التجارة على الرغم من منهجه الواقعي المعروف خاضع في احكامه لتجربة أو أكثر من التجارب التي عايشها عن كثب في المغرب والاندلس، حيث التمزق السياسي بلغ ذروته مع نشوء دويلات عدة على هامش الخلافة أو ''الخلافات'' الاسلامية، لم يكن النص القرآني بارزاً فيها على الصعيد التنظيمي، كما كان الأمر عليه في صدر الاسلام، بما في ذلك التجارة التي اتخذت دورها الفاعل في الحياة السياسية والاجتماعية، وحتى الدينية في ذلك الحين.