تطور الأنهار ...
للأنهار حياة وأعمار كما هو الحال فى البشر فالنهر ـ أى نهر ـ يمر بفترة شباب ونضج وأخيرا يمر بمرحلة الشيخوخة ، وتختص كل فترة من فترات عمر النهر بجزء منه يمثل تلك الفترة ، ففترة الشباب يمثلها المجرى الأعلى وفترة النضج يمثلها المجرى الأوسط وفترة الشيخوخة يمثلها المجرى الأدنى .
وفيما يلى عرض لتطوير مراحل النهر :
1- مرحلة الشباب Youth Stage:
ويهتم النهر فى مرحلة الشباب بالحفر الرأسى لتعميق مجراه وشق طريق على سطح الأرض عن طريق النحت فى قاع المجرى ليصل إلى مستوى سطح البحر أو مستوى القاعدة المحلى إذا كان يصب فى بحيرة داخلية أو فى نهر آخر . ويتميز مجرى النهر هنا بأنه على شكل رقم 7 أى له جوانب شديدة الانحدار والناتجة من سرعة جريان التيار فى هذه المرحلة مما يسبب ضيق المجرى .
ظاهرات مرحلة الشباب :
1- الخوانق Canyons :
وهو جزء من مجرى نهر شديد الانحدار فى جوانبه حيث يتغلب النحت الرأسى على النحت الجانبى ، ومعظم المجارى العليا هى بمثابة خوانق ، وخصوصا عندما تجرى على امتداد نطاق ضعف أصابه التكسر ، ومثل هذه الخوانق نجدها بكثرة فى المناطق الجبلية ومنها مرتفعات الألب .
وتنشأ الخوانق عادة فى الصخور الصلبة ، حتى تبقى جوانبها قائمة شديدة الانحدار دون أن تنهار ، وقد تنشأ أحيانا عندما تقل الأمطار ، فيقل فعل عوامل التجوية فى جوانبها ومن ثم تتراجع ببطء ، ومن أشهر الخوانق، الخانق العظيم Grand Canyons بولاية كلورادو بالولايات المتحدة ويبلغ طول خانق الكلورادو العظيم زهاء 500 كم وعمقه ما يقرب من 2 كم وهو يشق طريقة خلال طبقات صخرية أفقية ووصل نحته الرأسى إلى الصخور النارية السفلى التى تنتمى إلى حقب ما قبل الكمبرى .
- الحفر الوعائية Porholes :
وهى عبارة عن منخفضات مستديرة الشكل توجد فى قاع النهر . وتنشأ من تحرك الكتل الصخرية على القاع حركة دائرية متأثرة بقوة الدوامات المائية التى يكونها تيار النهر . وتؤدى هذه الحركة الدائرية إلى تآكل قاع النهر وإلى تكوين فجوات فيه .
3- ثنيات الشباب :
وتتكون عندما يكون النحت الرأسى على أشده فى تعميق الوادى ، ويتفادى النهر فى جويانه العقبات الصخرية الصلبة تصادفه ، فيتثنى ويتلوى من حلولها منشأ لتلك المنعطفات ، ويشتد النحت فى ضفافها المقعرة مكونا لجروف شديدة الانحدار ، بينما يقل النحت أو ينعدم على الضفاف المحدبة المقابلة فيترك سفوحا هيئة الانحدار Slip – off Slope .
4- الجنادل Cataracts :
وتنشأ إختلاف فى طبيعة الصخور التى يتركب منها قاع المجرى النهرى . فالصخور الصلبة تقاوم عملية النحت بجميع صوره بنما تتآكل الصخور اللينة ، ومن ثم تبقى الصخور الصلبة بارزة تعترض سيير المياه مثال ذلك الجنادل التى تعترض مجرى النيل الخرطوم وأسوان . فقد نحت نهر النيل مجراه رأسيا فى الحجر الرملى النوبى إلى أن وصل فى بعض المواقع إلى الصخور الصلدة من جراء عملية النحت النهرى ، فظهرت بارزة من القاع مكونه ما يشبه الجزر الصخرية الصغيرة تقسم مجرى النيل عندها إلى أكثر من مجرى .
5- المساقط المائية أو الشلالات Water-Fallsوتنشأ نتيجة لأسباب عديدة أهمها :
أ ـ انحدار مجرى النهر من جهة مرتفعة إلى أخرى منخفضة ، كأن ينحدر من فوق هضبة تشرف على السهول من حولها بحافت حادة .ب ـ اعتراض طبقة صخرية صلبة مقاومة للتعرية لمجرى النهر ، تقع أسفلها أو حولها طبقات رخوة أقل مقاومة للتعرية . فيتكون الشلال ، لأن مياه النهر تنحت فى الطبقات اللينة أكثر مما تنحت فى الطبقات الصلبة ، مما ينشأ عن ذلك اختلاف فى منسوب المجرى ، فتسقط المياه من مستوى مرتفع وهوابقة الصلبة ، إلى مستوى منخفض وهو مستوى الطبقة اللينة التى تعرض للتآكل كما تعمل المياه الساقطة بقاعدة الشلال على نحت الصخور اللينة السفلى ، بينما تبقى الطبقة الصخرية الصلبة بارزة ومعلقة فوقها ثم لا تلبث أن تسقط نتيجة لثقلها وضغط المياه عليها وتتكرر عملية النحت السفلى وسقوط أجزاء من الطبقة الصلبة باستمرار ، ولهذا نجد أن الشلالات تتراجع دائما نحو المنبع .
2- مرحلة النضج Maturity Sage:
ويمثل الوادى المجرى الأوسط فى هذه المرحلة التى تتميز باتساع الوادى الناتج من زيادة النحت الجانبى بالإضافة إلى تناقص سرعة التيار لقلة الانحدار . وإذا كان مجرى النهر فى مرحلة الشباب يمثل رقم 7 فإن المجرى يزداد إنفراجا كما أن النحت الجانبى قد كون واديا عريضا تغطية
الرواسب تمهيدا لتكوين ما يعرف بالسهل الفيضى الذى يتكون فى المراحل الأخيرة من حياة النهر . ومن أهم الظاهرات المصاحبة لمرحلة النضج ما يعرف بالمنعطفات Maenders فعندما يصل النهر أقصى مداه نحت قاع مجرى النهر بحيث لا يقوى بعد ذلك على النحت فيتحول نشاطه إلى النحت الجانبى . فحيثما ينحرف مجرى النهر استقامته لأى سبب من الأسباب ، سرعان ما يرتطم تيار النهر بالجانب المقعر من المنحنى ويقتحمه بقوة ، بحيث يتآكل ساحل النهر
حول جانبه المحدب من المنحنى حيث يترسب الفتات الصخرى والرواسب العالقة من جراء عملية النحت وهكذا باستمرار هذه العملية مع الزمن ، يترحزح بالتدريج مجرى النهر عن موضعه الأصلى ، ويزداد مقدار إنحناء النهر .وبتكرار هذه العملية فى أماكن مختلفة من النهر ، يرى النهر وقد التوى مساره فى نسق من الثنيات والالتوءات تسمى المنعطفات أو التعرجات النهرية المعروفة بـ " المياندرز" Meanders . وفى كثير من الحالات تبلغ شدة المنعطفات مبلغا كبيرا ، وتتعقد الانثناءات ، بحيث أن المسافة بين أى نقطتين من مجرى النهر قد تكون قصير جدا إذا قيست بخط مستقيم ، بينما تطول كثيرا هذه المسافة إذا ما قيست بخط منحن يتبع مجرى النهر فى إنحنائه وعلى ذلك فإن الانعطاف المتعدد الواضح فى مجرى النهر يعتبر شاهدا على تقدم عمر النهر .