وزير التربية الوطنية قال إنه ليس كل عاطل عن العمل يصلح أن يكون مدرساً وزمن التعليمات إنتهى في قطاع التعليم
«جلالة الملك محمد السادس فهم بسرعة مسار التغيير في العالم، الذي يتجه إلى تعزيز الحريات والمشاركة الشعبية،
وأيضا استوعب بقوة سريعة أن النمو الاقتصادي غير كافمحمد الوفا وزير التربية الوطنية، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال.
- مرت سنة على الحراك الشعبي الشبابي، الذي توج بتعديل دستوري وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، ثم صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم لأول مرة في تاريخ المغرب. كيف يمكن تعزيز هذه الإصلاحات التي تحققت خلال هذه السنة؟
< بداية أريد أن أقف عند مفهوم ما يعرف بالربيع العربي، وهو مفهوم ينم في نظري عن سوء فهم من طرف شعوب جنوب المتوسط للتغيرات الكبرى، التي عرفها العالم بعد سقوط جدار برلين، فالعالم كان يسير في توجه هو أن الانفتاح الديموقراطي وممارسة الحريات الفردية والجماعية وحرية التعبير أضحت مطلبا كونيا، فما حدث في أوروبا الوسطى والشرقية من تغيرات جذرية في هذا الاتجاه كان بمثابة مقدمات لما سيحدث بعد سنوات في جنوب المتوسط، أي تونس ومصر وليبيا، وإلا كيف نفهم أن الثورات العربية انحسرت في الحوض الجنوبي للمتوسط؟ فما يعيشه شعب ما من تغيرات تكون لها تداعيات على شعوب أخرى.
ولكي أوضح هذا التصور، أعطي مثال ما عاشته أمريكا إبان حرب الفيتنام من احتجاجات ستصل تأثيراتها إلى أوروبا في ثورة الشباب 1968، حيث وقعت تغييرات كبيرة في أوروبا، والذي حصل لشعوب جنوب المتوسط هو أنها لم تفهم اتجاه التغيير الذي وقع في العالم.
وللتاريخ أقول إن المغفور له الحسن الثاني كان على وعي بهذا التغيير الذي يحصل في العالم، لذلك قام بإصلاحات سياسية بدأت في التسعينيات وتوجت بمشاركة المعارضة في الحكم بعد سنوات غياب. وما وقع في 2011 هو أنه في تونس مثلا، ورغم الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي حصلت، اعتبر الشعب التونسي الحرية مطلبا لا يقل أهمية عما تحقق، وأنه لا بد من الحرية، وهو الأمر الذي لم تفهمه كل الأنظمة التي تم إسقاطها فيما بعد في ليبيا ومصر والآن في سوريا.
ما حصل في المغرب هو أن جلالة الملك محمد السادس فهم بسرعة مسار التغيير في العالم. فالعالم يتجه إلى تعزيز الحريات والمشاركة الشعبية وتعزيز حرية التعبير، وأيضا استوعب بقوة سريعة أن النمو الاقتصادي غير كاف. لذلك جاء الخطاب التاريخي لـ9 مارس، فعندما قرأت الخطاب وأنا بعيد عن المخاض الحاصل في الشارع المغربي بحكم مهامي الديبلوماسية، فهمت منه رغبة أكيدة في فتح عهد جديد في الدستور، لذلك لا أقول إننا عدلنا الدستور، بل وضعنا دستورا جديدا، لأنه يضع مقاربة جديدة لمفهوم السلط. ويمكن أن أضيف، كمواطن مغربي، أن الدستور الحالي فيه عيوب، وهي عيوب يمكن إصلاحها مع الممارسة، لكن روحه حددت معالم النظام المستقبلي للمغرب، بإعطاء أهمية للأحزاب والممارسة السياسية بالمغرب، فالدستور الحالي يضع لبنات قوية لدولة المؤسسات.
- هناك من قال إن حركة 20 فبراير ساهمت في التسريع بوتيرة هذه الإصلاحات..
< حركة 20 فبراير صحيح أنها حركة شبابية، لكن ليست الأولى في تاريخ المغرب، فهذه نسخة من نسخ الدينامية، التي يعيشها المغرب دائما، فمنذ استقلال المغرب عرفنا عدة حركات كانت لها تأثيرات سياسية قوية على المغرب. ولذلك فهذه الحركة ساهمت من جهتها، على كل حال، في بداية هذا العمل الذي أنجز في المغرب، أي توفير شروط المرحلة الجديدة التي يعيشها المغرب.
- هل تعتقد أن التيار الإسلامي «خطف» ثمار الحراك الشعبي؟
< هذه قراءة في تقديري خاطئة، فإذا عدنا إلى مسار الإصلاح، الذي توج، كما قلت، بالدستور الجديد، نجد أن هذا الدستور وضع الأسس لكي تكون الممارسة السياسية ذات معنى، ومن الطبيعي أن كل الأحزاب التي تقبل الاشتغال وفق المبادئ التي قام عليها هذا الدستور، من الطبيعي إن أقنعت الناخبين ببرنامجها السياسي أن تصبح في الحكومة.
وعندما نريد رسم الصورة العامة، نجد أن هذا الدستور يعطي مكانة خاصة لجلالة الملك، لأن الملكية في المغرب عنصر رئيسي في توحيد المغرب على مدى قرون، فنحن لسنا دولة وليدة، بل دولة لها تاريخ عريق قبل وبعد مجيء الإسلام، والنظام الملكي هو الذي جمع الأمة المغربية بتنوعها الثقافي واللغوي، فالمكانة المتميزة للملكية بالمغرب لابد للمغاربة من حمايتها، وفي اعتقادي نحن في عهد أصبحت فيه الملكية هي العمود الفقري للدولة، والأشياء الأخرى يختلف فيها المغاربة و يتوافقون حسب توجهاتهم وأفكارهم ومصالحهم.
- وقد نتجت عن هذا المد الإصلاحي حكومة. صحيح أن العدالة والتنمية يتصدر لائحة الانتخابات، لكن هذا ينبغي أن يفهم على أنه نتاج طبيعي لكون المغرب اختار النزاهة في الانتخابات بدل الانتخابات الموجهة. ولأن جلالة الملك اختار النزاهة والشفافية فقد تصدر هذا الحزب قائمة الانتخابات، ولأنه لا يمكن لهذا الحزب أن يسير المرفق العام لوحده، فقد ظهر هناك تحالف، وأنا شخصيا، كنت أتمنى أن يشارك الاتحاد الاشتراكي في هذا التحالف، لكون الاتحاد ساهم بنضالاته وتراكماته التاريخية في توفير المناخ السياسي، الذي وصل إليه المغرب، وهو مناخ جديد كما أشرت سابقا، مناخ يعيد إلى لحياة السياسية قيمتها، والسؤال الذي أوجهه إلى لاتحاد الاشتراكي هو: كيف يشارك في حكومة التناوب وساهم في إنضاج مقاربة سياسية جديدة للعمل السياسي في البلد، ومع ذلك اختار موقعا لا يكون فيه فعالا؟