ثلاث جهات في المغرب تستحوذ على 44 بالمائة من الإنتاج الوطني
أنجزت المندوبية السامية للتخطيط دراسة مفصلة جديدة عن الوضعية العامة للجهات في المغرب. وأشار مصدر مطلع من المندوبية أن نشر تفاصيل الدراسة سيتم في غضون الأسابيع القادمة بهدف مواكبة النقاش حول ورش الجهوية المتقدمة الذي يمثل تنزيله إحدى ملفات الاشتغال بالنسبة للحكومة الحالية وفق مقتضيات دستور2011.
وفي تشخيص للوضعية، خلصت الدراسة إلى أن الفوارق ما بين الجهات في مجال النمو الاقتصادي والتنمية البشرية والاستفادة من الخدمات الأساسية، والاستهلاك والاستفادة من الخيرات لا تزال قائمة إلى اليوم. وتظهرالمؤشرات تباينا كبيرا في النمو ما بين الجهات وتمركزا للثروة الوطنية على الشريط الساحلي الممتد من طنجة إلى أكادير، و تشير إلى ضعف الموارد المالية التي تتوفر عليها الجماعات المحلية بصفة عامة والجهات على الخصوص والتي لا تستفيد البرامج الهادفة إلى تعزيزالنمو الاقتصادي الجهوي إلا من جزء يسير منها، ينضاف إلى ذلك عدم استغلال الإمكانيات الجبائية، وعجز الجماعات المحلية عن صرف كافة مواردها.
واعتبر عبد اللطيف برحو، متخصص في مجال الجهوية ونائب برلماني، أن مشروع الجهوية المتقدمة، كورش وطني كبير، سيكون مناسبة لترتيب عناصر الإصلاح السياسي وتحديد مجالاته وتنزيلها قانونيا ومؤسساتيا، كما سيكون محطة سياسية ملائِمة لإعادة النظر في التنظيم الإداري واللامركزي للمملكة. وتأتي دراسة المندوبية السامية للتخطيط بعد دراسات مماثلة أنجزتها كل من اللجنة المكلفة بالجهوية ووزارة الاقتصاد والمالية.
وتتميز مستويات التنمية في الجهات، حسب الدراسة، بتباينها الكبير، وتظهر المؤشرات الجهوية فوارق شاسعة من جهة لأخرى سواء من حيث الناتج الداخلي الإجمالي، أو الدخل حسب الفرد أو بنمو التشغيل. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أبرزت الدراسة أن ثلاث جهات تستحوذ على 44 بالمائة من الإنتاج الوطني، وهي جهة الدار البيضاء الكبرى وجهة طنجة–تطوان وجهة الرباط–سلا–زمور–زعير. ويتمركز في هذه الجهات الثلاث وحدها 72 بالمائة من الإنتاج الصناعي الوطني و 67 بالمائة من اليد العاملة المشتغلة في هذا القطاع.
وتتضمن الدراسة تفاصيل وأرقام وإحصائيات عن مختلف الجهات 16 للمغرب. مبرزة الوضعية الديمغرافية ونسب الفقر والاستهلاك ونسب الدخل الفردي في كل جهة على حدة. كما تبرز تفاصيل الدراسة طبيعة وحجم التفاوتات بين المجالات الجهوية . واستندت الدراسة على منهجية تتضمن عناصر تشخيص الوضعية داخل كل جهة، مع تضمين عناصر المقارنة بخصوص عدد من المؤشرات بين مختلف الجهات المغربية. وتأتي دراسة المندوبية السامية للتخطيط قبل النظر في صيغ تنزيل مقتضيات تقرير اللجنة المكلفة بالجهوية المتقدمة على أرض الواقع.
ويتعين على الجهوية المتقدمة، حسب الدراسة، أن ترفع تحديا كبيرا يتمثل في إرساء آليات تنظيمية تمكن، إلى جانب استراتيجيات التنمية المحلية، من الحد من التفاوتات الترابية والمجالية. مع أولوية إرساء مشروع للتأهيل الاجتماعي يشمل كافة جهات المغرب ويشكل محورا رئيسيا لاستراتيجية الإصلاح. واعتبرت الدراسة أن تعزيز مبادئ الإنصاف و تقليص التفاوتات الموجودة بين الجهات في مجال الاستثمار تشكل إحدى أولويات.