كيف خطط الدليمي لتصفية الحسن الثاني في حفل
يكشف عنها مدحت بوريكات لأول مرة ل"الأيام"
أنا من كتبت تقريرين تسلمهما الحسن الثاني يكشفان عن اللقاءات السرية التي كان يعقدها الدليمي بفيلا سيدي قاسم للتخطيط للانقلاب عليه.
التاريخ.. التاريخ.. التاريخ...
نعم، التاريخ الذي مازال مليئا بالكثير من المناطق المظلمة...
التاريخ الذي مازال يستحق الكثير من البحث والاجتهاد...
التاريخ الذي يقود إلى القراءة الجيدة والهادئة لما حدث في الماضي، ولما قد يكون له علاقة بالحاضر وبالمستقبل أيضا...
التاريخ الذي يصبح في كثير من اللحظات متنفسا مريحا عن هذا الواقع الذي لا يستطيع المتتبع الطبيعي أن يستوعب الفرق الطبيعي بين هدا وذاك...
التاريخ الذي كانت تبدو فيه الصورة واضحة، وكان يبدو كل طرف في مكانه الطبيعي...
في التاريخ عرفتم أن مصير الحسن الثاني كاد أن يصير في خبر كان سنة 1971 خلال الانقلاب الشهير الذي قاده الكولونيل اعبابو في قصر الصخيرات، وتعلمون أيضا أن الملك الراحل كاد أن يقضي في الانقلاب الثاني بعد حوالي سنة في غشت 1972.
وتعرفون كذلك عبر أحد ملفاتنا السابقة أن صقور المؤسسة العسكرية طانوا يخططون للانقلاب على الملك الراحل قبل انقلاب الصخيرات بحوالي شهرين، وذلك من خلال المحاولة التي أعد لها الجينرال المذبوح بالطريق المؤدية للحاجب، حيث كان العاهل الراحل على موعد مع الاستعراض الرسمي للجيش في الذكرى الرابعة عشرة لتأسيسه.
هذا ما تعرفونه عن التاريخ الرسمي للانقلابات العسكرية في مملكة الحسن الثاني، فهل تعرفون أن الجينرال الدليمي كان يخطط للجلوس على العرش بعد أقل من سنة على فشل المحاولة التي قادها أوفقير في السماء؟
بعد انقلابي يوليوز 1971 وغشت 1972، قرر الجنرال الدليمي أن يكون القائد، وقرر أيضا أن تكون الطريق للوصول إلى هذا الهدف مختلفة تماما عن كل الخطط السابقة.
الدليمي فكر في طريقة خاصة جدا.
الدليمي استعان بتجربة الجينرال الكوري الجنوبي "بارك" الذي انقلب على رئيسه في بدايات الستينيات من القرن الماضي بطريقة خاصة جدا.
الشبه بين الدليمي و"بارك" هو أنهما ضابطان كبيران بصفة جنرال.
والشبه أيضا هو أن الجنرال الكوري الجنوبي كان رئيس الوحدات السرية، كما هو الشأن بالنسبة للجنرال الدليمي مع الحسن الثاني، ولذلك فقد فكر الدليمي ورتب وقرر أن ينهي مع الحسن الثاني في حفل.
القصة مثيرة جدا وليست صنعا من الخيال... فتابعوا تفاصيلها من مدحت بوريكات الذي كان واحدا من أعمدتها قبل أن يقذف به إلى ذلك المعتقل السري الشهير ب"البي.إف.3" بضواحي الرباط الذي ما زالت تحيك به الكثير من الأسئلة.
ففي الشهر الماضي، نظمت منظمات المجتمع الحقوقي وقفة رمزية أمام المعتقل السري الشهير ب"البي.إف.3" بضواحي العاصمة الرباط.
وقد كانت المناسبة من أجل الكشف عما حدث في ذلك المعتقل السري الذي استعمل في الفترة التي اشتغلت عليها هيئة الإنصاف والمصالحة بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وكانت المناسبة رمزية أيضا لإعادة طرح الأسئلة التي ظلت عالقة في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة في عهد الراحل إدريس بن زكري، من حيث الذي لم تستطع الكشف عنه في ذلك المعتقل السري.
فكم عدد المعتقلين الذين مروا من ذلك المعتقل؟ وكم عدد الذين قضوا فيه؟ ومن هم؟ وأين قبرهم بالضبط؟ وما علاقتهم بالمحاولة الانقلابية الفاشلة للجينرال الدليمي؟ وكيف اكتشف خيوطها الملك الراحل؟ وما هو الدور الذي قام به مدحت بوريكات؟ ولماذا اعتقل في "البي.إف.3" هو وأخوه علي وبايزيد؟ وكيف تعرف على الحسين المانوزي؟ وما حقيقة عشرات الجثث المدفونة بالمعتقل؟ وهل صحيح أن الحسين المانوزي واحد من هؤلاء؟...
"الأيام" قرأت كتاب \ شهادة مدحت بوريكات "أحياء ميتون" الذي صدر في بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي، ثم استجوبت صاحبه الذي قضى حوالي سنتين من الاعتقال التعسفي في المعتقل السري "P.F.3 " في نفس الفترة التي قضى فيها الكثير من المعتقلين فترات متراوحة في نفس المعتقل السري الرهيب الذي كان يشرف عليه رجالات الجينرال الدليمي، ويصف بوريكات في هذا الاستجواب المطول اللحظات الخطيرة التي قضاها بمركز الاعتقال والتعذيب الكثير من المعتقلين، وكيف التقى وإخوته بايزيد وعلي بالعملاء الفرنسيين الذين شاركوا في اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، وما رووه لهم بخصوص مصير رأس قائد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المدفون بنفس المعتقل، وحقيقة باطن المعتقل الذي يحوي الكثير من الجثث التي كانت تدفن بعدما يتم طليها ب"الجير" رفقة ملابس الضحايا المحروقة...