منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    الدولة والأمن

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  الدولة والأمن 710
    عارضة الطاقة :
     الدولة والأمن Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 الدولة والأمن Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     الدولة والأمن Empty الدولة والأمن

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء فبراير 07 2012, 17:47

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    الدولة والأمن

    تطور مفهوم الأمن بصورة ملحوظة، واندمج مداه ليشمل مفاهيم وآفاق جديدة لم تكن مجالاً في الماضي للدراسات الأمنية، بل استحدثت مسميات جديدة دالة على شمول وترابط العملية الأمنية في الجماعة الإنسانية، كالأمن الاقتصادي، والأمن الغذائي، وأمن المعلومات ... وغير ذلك.
    وقد ارتفع موضوع البحث في إشكالية أمن الدولة إلى مستويات عالية الخطورة - سواء من الناحية الداخلية أو من الناحية الخارجية - بتطور هذه الوسائل فى الجانب العسكري والاستراتيجي بشكل أعظم. فنتائج التطور الكمي والكيفي في أدوات الدمار المعاصر والثورة التقنية في وسائل الاتصال، والصراع على المواد الأساسية، متفاعلة مع خاصية انعدام الثقة بين الدول عموماً والمتصارعة خصوصاً، كل هذه النتائج والظروف جعلت الحفاظ على أمن الدولة من وجهتيه الداخلية والخارجية أمراً شاقاً بالغ الصعوبة وباهظ التكلفة، وجعلت التطلع نحو الأمن المطلق غاية لا تدرك.
    فقد أصبحت الدول تدرك حقيقة التقاطع بين مصالحها الايديولجية والسياسية والاستراتيجية، وتدرك في الوقت ذاته أن الخصم لن يتردد عندما تحين الظروف المناسبة والفرص الملائمة لاستخدام قوته بما يهدد أمنها وسلامتها، لذا تحشد الدولة كل قواها للدفاع عن نفسها وحماية أمنها وكيانها القومي، وسبيلها في ذلك هو بناء وحشد وتنسيق القوى الشاملة لديها لتحقيق هذا الغرض.

    مفهوم أمن الدولة


    مهما اختلفت التعريفات حول أمن الدولة فإنه في نهاية المطاف يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار للمواطن، فالأمن مطلب أساسي للدولة، أيا كان تكوينها السياسي أو فكرها الأيديولوجي، وإن اختلفت هذه الدول في مساحة هذا الأمن داخلياً وخارجياً، وفي الموجهات الإيديولوجية والسياسية التي ترسم خطى هذا الأمن، والتي يقوم عليها بنيانه. والأمن في اللغة نقيض الخوف، فهو حالة يوجد بها الإنسان لتستثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان، وهذه الحالة كما توجد فى الفرد توجد في الدولة.

    تفسير الأمن وأطره


    يرى العلماء أن حاجة الإنسان إلى الأمن تدفعه إلى الدأب في السعي إلى استكشاف البيئة المحيطة به، سواء كانت بيئة مادية أو اجتماعية، للتعرف عليها والتفريق بين النافع والضار فيها ثم الوصول بعد ذلك إلى إشباع حاجته الغريزية للأمن.
    ويعدّ اصطلاح الأمن من أكثر الإصطلاحات مرونة واتساعاً، وذلك لاستخدامه في عديد من المجالات والمواقف، ابتداء من الإجراءات البسيطة بتأمين المواطنين داخل الدولة ضد الأخطار المحتملة التى تمس سلامتهم وحياتهم وأموالهم، وانتهاء بالإجراءات الخاصة بتأمين الدولة ذاتها. تلك الإجراءات والخطوات التى نطلق عليها مصطلح "الأمن القومى"، ذلك المصطلح الذي يعني المفهوم الشامل لمعنى الأمن، والذي يعبر عن مجموعة أنشطة ومهام الأمن فى الدولة.
    ولذلك فمفهوم الأمن القومي يستوجب توافر عدة أطر في الجماعة السياسية تمكنها من تحديد مبادئ وأسس أمنها القومي، وهذه الأطر والمقومات يمكن إجمالها على النحو التالي:
    1. الإطار الاقتصادي، الذي يشمل ويرعى المصالح الاقتصادية الحيوية للدولة.
    2. الإطار الإنساني، الذي يتصل بالسكان.
    3. إطار المصلحة القومية العليا للدولة.
    4. الإطار القيمي أو الأخلاقي.

    مظاهر الأمن القومي


    للأمن القومي مظاهر وخصائص تميزه وتحدد مفهومه وأطره، وبالتالى تمهد الطريق لإلقاء الضوء على تطبيق مفهوم الأمن على الدولة وفى إطارها القومي، سواء كان ذلك في مجالها الداخلي أو في المجالين الإقليمي والدولي، وقبل أن نتناول خصائص الأمن القومي نود أولاً أن نبين المظاهر التي يمتاز بها أمن الدولة والتي يمكن إجمالها على النحو التالي:

    1. المظهر المادي: ويتمثل في المظاهر المادية الملموسة التي من شأن توافرها أن تؤدي إلى إشباع حاجة الإنسان إلى الأمن، كالاستقرار في سكنه وعمله، والاطمئنان إلى الوسط المحيط به، سواء في مكان العمل أو السكنى، ويشمل هذا الظواهر الطبيعية كالفيضانات والزلازل والبراكين .. الخ.
    2. المظهر النفسي: ويتمثل في اعتراف البيئة الاجتماعية بالإنسان أو أن يقر مجتمعه بمكانته ومنزلته، أياً كان حجم هذا المجتمع ونوعه، وأن يعترف بدوره في محيط الجماعة الإنسانية فينال الاعتراف والتقدير، إذ إن فقدان الاعتراف والتقدير يترتب عليه فقدان الإنسان الشعور بالأمن على نفسه وعلى رزقه. لذلك يعتبر الأمن الشعورى للفرد ركيزة للأمن القومى بأجمعه، كما أنه غاية ما يهدف إليه النظام في الدولة، وهو الثمرة المرجوة لكل جهد أو عمل أمني، سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة، فالإحساس بالخطر وفقدان الإحساس بالأمن أرق ينتاب أولئك جميعاً، فهو كما قد يكون هاجساً فردياً فقد يكون هاجساً قومياً، وكما قد يكون هاجساً قومياً قد يكون هاجساً دولياً يتجاوز الدولة الواحدة والإقليم إلى العالم بأسره.
    وفكرة الأمن لصيقة بالوجود الإنساني، فالإنسان كائن اجتماعي، وكون الأمن لصيقاً بالإنسان، فهو لصيق بالجماعة، فكل من الفرد والجماعة يملكان شعوراً قوياً بحاجتهما للأمن وضرورة تحقيقه وصيانته.
    وعندما نتحدث عن الأمن الشعوري، فلا بد لنا أن ندرك أن لهذا الأمن خصائص، وهي التي يمكن إجمالها في ثلاثة عناصر هي: التطور، والفطرية، والنسبية.
    1. فمن ناحية أولى فهو متطور بتطور الحياة الشعورية للفرد والجماعة من الطفولة إلى الشيخوخة، ومن البداوة إلى الحضارة، ومن حيث الزمان والمكان.
    2. ومن سماته الفطرية، إذ من الطبيعى أن يكون الأمن فطرياً طالما كان إحساساً غريزياً مجبولاً فى أعماق الإنسان بفطرته وغريزته، حماية للنوع وتحقيقاً لبقائه فى هذا الوجود.
    3. أما نسبية الإحساس بالأمن أو الشعور به، فيتضح في أن ما يثير الخوف في مجتمع ما قد لا يثير الخوف في مجتمع آخر، وتبدو فيه النسبية في أوضح صورها في نظرة المجتمعات الحديثة للأيديولوجيات المعادية وفي نظرتها للعدو الذي يستهدف كيان الدولة.
    خصائص الأمن القومى
    يقوم مفهوم الأمن القومي على عنصرين أساسيين:
    1. مجتمع قومي، وهو عبارة عن شعب واحد متجانس ومتحد، يشكل البنية الاجتماعية للدولة أو شعب الدولة.
    2. وجود الإطار السياسى لهذا المجتمع، وهو الدولة أو النظام الحاكم المسيطر على مقاليد الأمور في الدولة.
    إن الفكرة الأساسية التي يدور حولها مفهوم الأمن القومي للدولة، هو أن أحد التزامات الدولة الأساسية يكمن في توفير الحماية العضوية والمادية لكل مواطن ينتمي للجماعة أولاً، وتوفير الحماية للجماعة ثانياً كحقيقة بشرية، بحيث لا يتعرض كيانها لأية مخاطر.
    ويمكن حصر خصائص الأمن القومي للدولة على النحو التالي:
    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة :  الدولة والأمن 710
    عارضة الطاقة :
     الدولة والأمن Left_bar_bleue90 / 10090 / 100 الدولة والأمن Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

     الدولة والأمن Empty رد: الدولة والأمن

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء فبراير 07 2012, 17:48



    أولا: النسبية


    ذلك أن الدولة الواحدة لا تستطيع توفير أمنها بصورة مطلقة دون أن يتقاطع ذلك - ولو لأقل درجة - مع أمن الدول الأخرى، فهي لذلك في حاجة لتوفير أمنها وإلى التعايش مع غيرها من الدول الأخرى، مما يجعل مفهوم الأمن القومي نسبياً وغير مطلق، لاستحالة تحقيقه بصورة مطلقة، ولأن هنالك حاجة ماسة دولياً للأمن المشترك، ولذلك فحالة الأمن كما هي نسبية للأفراد فهي نسبية للدول.

    ثانياً: المرونة والتغيير


    إن مفهوم الأمن القومي متغير ومتطور، وهو موكول إلى تغير الظروف والمراحل التاريخية والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية، ونوعية التهديدات التي تواجه الدولة، بل يتغير مفهوم ما الأمن والاستراتيجية من عصر إلى عصر ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى في الدولة الواحدة.

    ثالثاً: الثوابت والمتغيرات


    لابد من التمييز بين الثوابت والمتغيرات فى مجال الأمن، وكذلك التمييز بين الحد الأدنى والحد الأعلى المطلوب للأمن فى الدولة فى كل مرحلة من المراحل وفق جهود مدروسة للوصول إلى المستويات المطلوبة فى كل مرحلة، ولتوفير قياسات لحدود الأمن القومي في المراحل المختلفة، مع الوضع فى الاعتبار المراحل الحاسمة والخطرة فى حياة الدولة وأمنها وسلامتها.
    رابعاً: وضوح مفهوم الأمن لدى الجماهير
    يجب أن يكون مفهوم الأمن واضحاً ومستساغاً ومقبولاً لدى جماهير الشعب، وأن يحظى بالاقتناع الحقيقي والالتزام الواعي لدوافعه ومعطياته، بحيث يكون المواطن ركيزة لأجهزة الأمن في الدولة لآداء مهمتها في حفظ أمن الدولة وسلامتها، إذ إن الانفصام بين الشعب من جهة وأجهزة أمنه من جهة أخرى، وعدم اقتناع الشعب بما تقوم به أجهزة الأمن يؤدي إلى إحباط مشاريع الدولة وإفشال خططها، وبالتالي ضياع الأمن في الدولة وتضعضعه.

    خامساً: بيان التهديد الواضح لاستراتيجيات الأمن


    يجب أن تحدد استراتيجيات الأمن في الدولة - وعلى كافة مستوياتها - بصورة واضحة المضامين، وأن تحدد التهديدات والتحديات التي تواجه الدولة، بحيث تكون الصورة واضحة ومفهومة لدي الشعب الذي يكون شركاً في تحقيق هذه المضامين، ودرء التهديدات المحتملة بدلاً من العمل في غموض يؤدي إلى الريبة والتشكيك في أهداف أجهزة الأمن، بل ينبغي أن تحدد هذه الاستراتيجيات التهديدات والمخاطر التي تواجه الدولة، لا في حاضرها الراهن فحسب، بل وفي مستقبل سنيها، ومراحل حياتها المقبلة؛ كما يجب وضع الخطط والدراسات اللازمة لمواجهة كل مرحلة من المراحل، وأن يكون شعار الأمن دائماً، لكل حادثة حديث، فتوضع في المقام الأول الثوابت الأساسية في حياة الدولة كحماية كيانها السياسي، واستقلالها وسلامة أراضيها ومصالحها الأساسية والقومية، أضف إلى ذلك حمايتها من العدوان الخارجي بجميع أشكاله، وحمايتها من المهددات الداخلية بأشكالها المتشابكة، مع تقسيم هذه التهديدات إلى عناصرها المختلفة من جوهرية وثانوية أيا كان موقعها في محيط الدولة من جوانبه الثلاثة: المحلي والإقليمي والدولي.

    سادساً: أن يبنى مفهوم الأمن على أساس الاستراتيجية الشاملة للدولة


    وذلك بالتركيز على استخلاص عناصر القوة في الدولة، بحيث تكون هذه العناصر الاستراتيجية مرتكزاً لبناء أمن الدولة ووحدة الدولة واستقلالها، فقد انتهى مفهوم الأمن الذي يقوم على أساس القوة العسكرية وحدها، فالأمن الحقيقي والعلمي هو الذي يقوم على أساس عناصر القوة الشاملة للدولة.
    سابعاً: أن الأمن القومي ذو صبغة دفاعية وبنَّاءة
    إن الأمن القومي - في مفهومه الشامل وفي أهدافه القومية - يهدف في المقام الأول إلى الدفاع عن كيان الدولة والحفاظ على سلامتها، ويكشف ذلك عن طبيعة نشاطه وأساليب عمله وخططه كجهاز دفاعى بناء، ولذلك لابد من التمييز بينه وبين المفهوم الهجومي للأمن أو المفاهيم التي ترمي إلى العدوان التوسعي كأثر من آثار نشاط القوة وتراثها البالي في الفكر الإنساني، فمفهوم أمن الدولة مفهوم بناء مشرف يهدف إلى تحقيق غاية شريفة هي الحفاظ على أمن الشعب وأمن الدولة، وتحقيق التعايش السلمي بينها وبين غيرها من الدول في إطار الفهم الثابت لنسبية مفهوم الأمن.

    ثامناً: الأمن القومي مفهوم علمي إيجابي واضح


    لقد تعددت الدراسات حول مفهوم الأمن القومي، وحفلت ميادين الدراسات العلمية والاستراتيجية في تناوله بالبحث والتحليل، فلم يعد مفهوماً هلامياً غير واضح الملامح، بل غدا أمراً علمياً واضحاً يهدف إلى غاية عظيمة هي صيانة أمن الأفراد والجماعات والدولة، والحفاظ على كيانها ووجودها من خلال جهد علمي مدروس لتحقيق هذا الهدف، وفي إطار الاستراتيجيات والخطط والوسائل المحققة لهذا الغرض.
    الاستراتيجية الأمنية والعوامل الجغرافية
    إذا أردنا إلقاء الضوء على فعالية الآثار الجغرافية على أمن الدولة، ودورها في تخطيط ورسم استراتيجيتها الأمنية لوجدنا أن هذه العوامل تؤثر تأثيراً مباشراً في تحديد مدى ونوع التنظيم الملائم لشكل الدولة، واختيار النموذج الأصلح لتنظيم قوى الأمن فيها. وتتمثل هذه العناصر فى: مساحة الدولة، ونوع التضاريس، وسكان الدولة، والنطاق المحيط بها؛ فمساحة الدولة تحدد ما إذا كان النظام الذي يجب أن تتبعه الدولة مركزياً أم لا مركزياً، وما إذا كانت المركزية واللامركزية هذه مركزية سياسية أو إدارية. كما تتدخل هذه العوامل في تحديد النمط الأمثل من أشكال الحكم السياسي أو الإدارى أو الإقليمي للدولة. وبالتالي التخطيط الأمني الملائم لكل نمط من هذه الأنماط؛ فإذا كانت مساحة الدولة كبيرة - مثلاً - وتشمل من التضاريس زخماً منوعاً من الجبال والصحارى والسهول والمستنقعات والغابات، فلكل من هذه المعالم ما يناسبه ويلائمه، فالدولة الصحراوية مثلاً تميل إلى الجمع بين التنظيم المركزي والتنظيم اللامركزي نسبة إلى قلة الموارد، وطبيعة السكان التي تميل إلى الانتقال وعدم الاستقرار، تبعاً للماء والمرعى وطبيعة الحياة في الأقاليم الصحراوية. وسكان الغابات يحتاجون إلى نمط من الإدارة والمتابعة والتنظيم يتلاءم مع طبيعة حياتهم وأوضاع إقليمهم، وذلك بخلاف الحال في الأقاليم السهلة التضاريس المنبسطة المساحة الممهدة الطرق، والتي يختلف نوع التنظيم فيها ونوع الأداء الأمني عن الأنواع الأخرى سالفة الذكر. ففي المناطق الجبلية والغابات تتعذر وسائل المواصلات ويصعب الانتقال، فتكون انسب النظم لها هي الأساليب اللامركزية التي تتلاءم مع ظروفها الطبيعية والجغرافية، بخلاف الوديان والأقاليم المنبسطة التي يسهل على المركز إحكام قبضته عليها، وإمكانية سرعة التحرك إلى داخلها متى دعا الأمر إلى ذلك.
    وعلى الرغم من الطفرة الهائلة التي أحدثتها الوسائل التكنولوجية في مجال خدمات الأمن وفي مجال المواصلات، إلا أنه لا تزال العوامل الجغرافية هي سيدة الموقف، إذ إن الإمكانات الهائلة التي تتيح للدولة تجاوز هذه العوامل ليست متاحة لكل الدول، بل ليست متاحة لأغلب الدول، وإن أتيحت، فهي لن تتغلب على العوامل الجغرافية كلية، وهذه الوسائل التكنولوجية - وإن أفادت إلى حد بعيد في مهام المتابعات الأمنية وفي إبلاغ المعلومات وفي الإسراع بالتفاهم والتوجيه - إلا أنها ليست مواتية بالقدر نفسه فيما يتعلق بتحريك القوات والسيطرة الأمنية الفاعلية في الوقت المناسب، ولذلك تظل العوامل الجغرافية هي سيدة الموقف وهي التي يجب أن يضعها رجل الدولة في اعبتاره. إذ إن أية دولة لا تستطيع أن تضع سياسة أمنية ناجعة إذا لم تضع في اعتبارها حقائق الجغرافيا والتاريخ من حيث الشكل والمضمون، فاستراتيجية الدولة الأمنية تتعلق في المقام الأول بشكلها وموقعها الجغرافي إلى مدى لا ينازعه فيها مدى آخر.
    الأُمن الإقليمى
    الدولة كيان حي فعّال في الجماعة الإنسانية، يتفاعل مع غيره من الأنظمة والدول كعضو في منظومة دولية تموج بالحركة والحياة، وتشتد فيها أوجه الصراع والطموحات والمطامع السياسية والأيديولوجية والعسكرية، وكما يسعى الإنسان الفرد إلى تحقيق ذاته وتحقيق الأمان في حياته، فكذلك الدولة تسعى بدورها لتحقيق الأمن والاستقرار وتأكيد كيانها وحماية مقدراتها وسيادتها واستقلالها.
    وإذا كانت الدولة قادرة على تحقيق أمنها في المجال الداخلي، فقد لا تكون قادرة في كل الأحوال على الدفاع عن أمنها في المجالين الإقليمى والعالمى دون التعاون مع غيرها من دول الجوار الجغرافي أو الاستعانة بقوى أخرى لدعمها في هذا المجال، ولذا فهي تعنى بالنطاق الإقليمي للأمن لتأثيره على مجريات الأمور فيها، لا من الخارج فحسب، بل ومن جهة الداخل أيضاً، لتأثرها سلباً أو إيجاباً بما يدور في جوارها وفي نطاقها الإقليمي من قلاقل واضطرابات، وما يزعزع أمنها من مهددات تفرزها الأحداث والتداخلات في دول الجوار.
    ومن هنا تبرز أهمية مفهوم الأمن الإقليمي وضرورته لإشباع حاجات الدولة إلى الأمن في هذا المجال، وليعبر عن سياسة مجموعة من الدول تنتمي إلى إقليم جغرافي واحد، تسعى من خلاله إلى تنظيم تعاون أمني وعسكري فيما بينها، للدفاع عن كيانها وأمنها وسلامتها واستقرارها، وللتصدي لأي قوى أجنبية أو خارجية لمنعها من التدخل في شؤونها.
    وهذا المستوى من نطاقات الأمن القومي - أي المستوى الإقليمي - يأخذ صفته الدولية بتعدد أطرافه التي تتكون من الدولة المعنية وغيرها من الدول المجاورة. وقد جعل ميثاق الأمم المتحدة مسؤولية حفظ الأمن فى هذا النطاق مسؤولية مشتركة بين دول الإقليم والمجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي.
    لقد تشعبت وظائف الدولة الحديثة وتعددت وسائل تدخلها في حياة الفرد بصورة لم يسبق لها مثيل، بل اتسع مفهوم الأمن ليشمل قضايا لم تكن أمنية في الماضي، أو لم يكن ينظر إليها من منظور أمني، كقضايا أمنية مباشرة، بل كان ينظر إليها في ظل النتائج والمؤثرات والتداخل بين عوامل مختلفة تفضي إلى نتائج ذات مردود أمني أو استراتيجي، ولذلك كثر إطلاق اسم الأمن على كثير من النشاطات المستخدمة والمستحدثة، وكذلك فإن تشعب وظائف الدولة في المجال الخدمي والاجتماعي، جعلها كثيرة التدخل في حياة الفرد بصورة مكثفة، فالمواطن الحديث في كل حركة يبديها يتعرض لاختصاصات الدولة. فإذا خطر لكائن أن يحصي تلك الاختصاصات سيفاجأ بأن نشاطاتها تستغرق معظم مساحة النشاط الإنساني، فمن اختصاصاتها: المسائل المتعلقة بالدفاع، والمحافظة على الأمن الداخلي، والإشراف على الصناعة، ووضع التشريعات الاجتماعية، بما في ذلك اختصاصات واسعة النطاق في مجال التعليم والتأمين ضد المرض والبطالة .. إلخ، بحيث أصبحت الدولة تتحول من مجرد دولة حارسة مهمتها وضع التشريعات والاهتمام بوضع القانون وضبطه، إلى دولة متفتحة تدلي بدلوها في كل تلك المهام. بل ترى لزاماً عليها أن تتولى كافة الشؤون أياً كان لون الحكم فيها، أو نوع الفلسفة السياسية والأمنية أو الأيديولوجيات التي تتبعها.
    ولعل صفوة القول عن أهمية دور الأمن في حياة الشعوب والدول ما جاء في كتابنا الكريم في الآية الأخيرة من سورة قريش: "الذِي أَطْعَمَهُمْ مِن جوُعٍ وَآمَنَهُم ْمِنْ خَوْفٍ" فقد جعل سبحانه وتعالى الأمن يأتي في المرتبة التالية من احتياجات الإنسان بعد الطعام، وذلك لضمان استمرار حركة الحياة على الأرض

    The game of the nation, Widdenfeld and Nicolson Power, George Alten.
    The Price of national security, Kingsons.



      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08 2024, 18:01