[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الزلاقة والأرك معركتان يمدد بهما المرابطون والموحدون حكم المسلمين بالأندلس قرونا إضافية
فتحت الأندلس سنة 92 هـ على يد طارق بن زياد وبقيت تابعة للخلافة الأموية مدة حكمها وخلافة العباسي الملقب بالسفاح، ولما تولى المنصور وأراد استئصال بني أمية هرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى المغرب ونزل بمليلية المغربية وأرسل مدبراً مولاه إلى جماعة من موالي المروانيين فدعوا له بالأندلس وأنشأ له حزباً مؤيدا فسافر عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس وبويع له سنة 138 هـ، فلما علم بذلك والي الأندلس من قبل العباسيين حاربه وانتصر عليه عبد الرحمن، الملقب بالداخل، وتم له الأمر سنة 140 هـ فأقام بقرطبة. ولما جاء ثامنهم وهو عبد الرحمن الناصر الذي حكم الأندلس من سنة 300 هـ إلى سنة 350 هـ لقب نفسه بأمير المؤمنين. وقد بلغت دولة الأندلس في أيام عبد الرحمن الناصر قمة المجد والعزة. ومن بعد عبد الرحمن الناصر بدأ الانحلال في الدولة تدريجيا وتفككت عراها شيئا فشيئا وصارت فيها حروب داخلية فطمع فيها الأسبان وجرت بينهم حروب كانت نتيجتها أن سلمت غرناطة للأسبان سنة 1491م. وقد أحصى بعض المؤرخين المطرودين من سنة 1492م إلى سنة 1609م بنحو ثلاثة ملايين عربي وأمازيغي، وأجبر الكثير منهم على الدخول في دين النصارى.
يعرض لنا تاريخ الأندلس منذ قيام الدولة الأموية أربع مراحل تمتاز كل منها بميزات خاصة. فالأولى مرحلة الفتح وتفوق الدولة الإسلامية على أسبانيا النصرانية، والثانية مرحلة الكفاح خلال عصر الطوائف، والثالثة عصر المرابطين والموحدين الذين هبوا لنجدة الأندلس انطلاقا من المغرب، والرابعة مرحلة الانحلال أيام مملكة بني الأحمر بغرناطة. سنكتفي هنا بعرض مرحلة تواجد المرابطين والموحدين بالأندلس، على أن نتعرض في فرص لاحقة لباقي المراحل.
يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله: انصهرت مؤشرات أموية عربية عريقة خاصة خلال القرن الرابع الهجري في مؤشرات صنهاجية مصمودية تحت تأثير المرابطين والموحدين، ومن هناك انطبع تراث الأندلس بعطاءات مغربية إفريقية عربية انبثقت عنها حضارة فذة خلقت عالما ثالثا بين الشرق والغرب كاد يرتكز بين المحيط والمتوسط في المغرب وصحرائه كصلة وصل بين ثلاث قارات وثلاث حضارات، وكان السبق في كل ذلك منذ الانطلاقة الأولى للفوج الإفريقي المغربي الذي غزا الأندلس... وقد ظلت الأندلس خلال قرون متأرجحة بين التبعية والانفصال عن المغرب، واستوثق هذا الرباط طوال ثلاثة قرون من عهد المرابطين إلى عهد المرينيين . ( الأندلس والمغرب وحدة أم تكامل؟ ، بحث، الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله، عضو أكاديمية المملكة المغربية)
1- معركة الزلاقة ( 479 هـ/1086 م )
بعد انهيار ملك بني أمية في الأندلس عمد رؤساء الطوائف فيها من عرب وبربر وموال إلى اقتسام النفوذ فيها، حتى كاد يكون على كل مدينة أمير مستقل، فعرفوا بملوك الطوائف... وراح ألفونسو السادس ملك قشتالة يضيق على المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، فقرر هذا الأخير الاستنجاد بأمير المرابطين في المغرب يوسف بن تاشفين. ولما حذر الرشيد والده المعتمد من خطر المرابطين، أجابه المعتمد: "رعي الجمال عند ابن تاشفين خير من رعي الخنازير عند الألفونس"، أي أنه يفضل أن يرعى جمال ابن تاشفين في الصحراء المغربية على أن يكون أسيراً عند ألفونسو يرعى خنازيره في قشتاله. وتقول بعض الروايات أن ألفونسو قد وصل في بعض حملاته إلى الضفة الأخرى من الوادي الكبير لأشبيلية، وأرسل رسالة سخرية إلى المعتمد بن عباد يقول فيها: »لقد ألمّ بي ذبابكم بعد أن طال مقامي قبالتكم، واشتد الحر، فهلا أتحفتني من قصرك بمروحة أروح بها عن نفسي وأبعد الذباب عن وجهي؟« وردّ ابن عباد على الرسالة بقوله: »قرأتُ كتابك، وأدركت خيلاءك وإعجابك، وسأبعث إليك بمراوح من الجلود المطلية، تريح منك لا تروح عليك«. ويقال إنه كان يقصد بذلك الجيوش المرابطية، ودعوتها إلى الأندلس.
+ عبور المرابطين الأول إلى الأندلس:
شهد القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، قمة التقدم الحضاري والسياسي في بلاد الأندلس، وأضحت قرطبة عروس الغرب، وحكامها خلفاء بني أمية يتمتعون بمكانة عالية، سياسياً وعسكرياً وحضارياً، ولم يدر بخلد أحد أن الصراع الذي اشتد على عهد المنصور بن أبي عامر، وزير الأمويين بالأندلس، كان يحمل في طياته عوامل هدمه وفنائه. ما أن مات المنصور، ومن بعده ابنه عبد الملك، حتى ثار القرطبيون على عبد الرحمن بن المنصور، وبدأت سلسلة من الأحداث الدامية أدَّت في النهاية إلى تمزق هذه الدولة، وقامت في جوانبها مماليك لا حول لها ولا قوة.
قام أبو الوليد الباجي وغيره من فقهاء الأندلس بالدعوة إلى التوحد، وضرورة الاستعانة بإخوة الإسلام المغاربة من المرابطين، ولقيت الدعوة صدى عند أمراء الأندلس بسبب ازدياد عنف ألفونسو. تلقى إذن ابن تاشفين دعوة ابن عباد، فحشد جيشه في مدينة سبتة، ثم اجتاز المضيق إلى الجزيرة الخضراء في شهر أغسطس 1086م، فوجد أمير إشبيلية بانتظاره، واتفقا على خطة مواجهة الخطر القشتالي النصراني... ثم سار فرسان المرابطين في الطليعة وعدتهم عشرة آلاف فارس يقودهم داود بن عائشة، ثم الجيش الأندلسي يقوده الشاعر والأمير ابن عباد، ثم الجيش اللمتوني بإمرة الملك الهمام يوسف بن تاشفين، ونزلت الجيوش خارج مدينة بطليوس، فخرج أميرها المتوكل بن الأفطس وقدم لهم الأقوات. ولما علم ألفونسو بالزحف المغربي، ارتد عن مواقعه يحشد العساكر، كما جاءه المدد بالعدة والعدد من ولايات فرنسا الجنوبية. وما أن أخذت العساكر الإسبانية أمكنتها، أرسل ابن تاشفين إلى ألفونسو كتاباً يدعوه فيه إلى الاستسلام والدخول في طاعته، ومما جاء فيه: بلغنا يا أدفنش (ألفونس) أنك رغبت في لقائنا وتمنيت أن يكون لك سفن تعبر فيها البحر إلينا، فقد عبرنا إليك، وقد جمع الله تعالى في هذه الساحة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال . فلما اطلع ألفونسو على مضمون الكتاب، رماه أرضاً غاضباً وقال للرسول: "قل لمولاك أننا سنلتقي في ساحة الحرب".
الزلاقة والأرك معركتان يمدد بهما المرابطون والموحدون حكم المسلمين بالأندلس قرونا إضافية
فتحت الأندلس سنة 92 هـ على يد طارق بن زياد وبقيت تابعة للخلافة الأموية مدة حكمها وخلافة العباسي الملقب بالسفاح، ولما تولى المنصور وأراد استئصال بني أمية هرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى المغرب ونزل بمليلية المغربية وأرسل مدبراً مولاه إلى جماعة من موالي المروانيين فدعوا له بالأندلس وأنشأ له حزباً مؤيدا فسافر عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس وبويع له سنة 138 هـ، فلما علم بذلك والي الأندلس من قبل العباسيين حاربه وانتصر عليه عبد الرحمن، الملقب بالداخل، وتم له الأمر سنة 140 هـ فأقام بقرطبة. ولما جاء ثامنهم وهو عبد الرحمن الناصر الذي حكم الأندلس من سنة 300 هـ إلى سنة 350 هـ لقب نفسه بأمير المؤمنين. وقد بلغت دولة الأندلس في أيام عبد الرحمن الناصر قمة المجد والعزة. ومن بعد عبد الرحمن الناصر بدأ الانحلال في الدولة تدريجيا وتفككت عراها شيئا فشيئا وصارت فيها حروب داخلية فطمع فيها الأسبان وجرت بينهم حروب كانت نتيجتها أن سلمت غرناطة للأسبان سنة 1491م. وقد أحصى بعض المؤرخين المطرودين من سنة 1492م إلى سنة 1609م بنحو ثلاثة ملايين عربي وأمازيغي، وأجبر الكثير منهم على الدخول في دين النصارى.
يعرض لنا تاريخ الأندلس منذ قيام الدولة الأموية أربع مراحل تمتاز كل منها بميزات خاصة. فالأولى مرحلة الفتح وتفوق الدولة الإسلامية على أسبانيا النصرانية، والثانية مرحلة الكفاح خلال عصر الطوائف، والثالثة عصر المرابطين والموحدين الذين هبوا لنجدة الأندلس انطلاقا من المغرب، والرابعة مرحلة الانحلال أيام مملكة بني الأحمر بغرناطة. سنكتفي هنا بعرض مرحلة تواجد المرابطين والموحدين بالأندلس، على أن نتعرض في فرص لاحقة لباقي المراحل.
يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله: انصهرت مؤشرات أموية عربية عريقة خاصة خلال القرن الرابع الهجري في مؤشرات صنهاجية مصمودية تحت تأثير المرابطين والموحدين، ومن هناك انطبع تراث الأندلس بعطاءات مغربية إفريقية عربية انبثقت عنها حضارة فذة خلقت عالما ثالثا بين الشرق والغرب كاد يرتكز بين المحيط والمتوسط في المغرب وصحرائه كصلة وصل بين ثلاث قارات وثلاث حضارات، وكان السبق في كل ذلك منذ الانطلاقة الأولى للفوج الإفريقي المغربي الذي غزا الأندلس... وقد ظلت الأندلس خلال قرون متأرجحة بين التبعية والانفصال عن المغرب، واستوثق هذا الرباط طوال ثلاثة قرون من عهد المرابطين إلى عهد المرينيين . ( الأندلس والمغرب وحدة أم تكامل؟ ، بحث، الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله، عضو أكاديمية المملكة المغربية)
1- معركة الزلاقة ( 479 هـ/1086 م )
بعد انهيار ملك بني أمية في الأندلس عمد رؤساء الطوائف فيها من عرب وبربر وموال إلى اقتسام النفوذ فيها، حتى كاد يكون على كل مدينة أمير مستقل، فعرفوا بملوك الطوائف... وراح ألفونسو السادس ملك قشتالة يضيق على المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، فقرر هذا الأخير الاستنجاد بأمير المرابطين في المغرب يوسف بن تاشفين. ولما حذر الرشيد والده المعتمد من خطر المرابطين، أجابه المعتمد: "رعي الجمال عند ابن تاشفين خير من رعي الخنازير عند الألفونس"، أي أنه يفضل أن يرعى جمال ابن تاشفين في الصحراء المغربية على أن يكون أسيراً عند ألفونسو يرعى خنازيره في قشتاله. وتقول بعض الروايات أن ألفونسو قد وصل في بعض حملاته إلى الضفة الأخرى من الوادي الكبير لأشبيلية، وأرسل رسالة سخرية إلى المعتمد بن عباد يقول فيها: »لقد ألمّ بي ذبابكم بعد أن طال مقامي قبالتكم، واشتد الحر، فهلا أتحفتني من قصرك بمروحة أروح بها عن نفسي وأبعد الذباب عن وجهي؟« وردّ ابن عباد على الرسالة بقوله: »قرأتُ كتابك، وأدركت خيلاءك وإعجابك، وسأبعث إليك بمراوح من الجلود المطلية، تريح منك لا تروح عليك«. ويقال إنه كان يقصد بذلك الجيوش المرابطية، ودعوتها إلى الأندلس.
+ عبور المرابطين الأول إلى الأندلس:
شهد القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، قمة التقدم الحضاري والسياسي في بلاد الأندلس، وأضحت قرطبة عروس الغرب، وحكامها خلفاء بني أمية يتمتعون بمكانة عالية، سياسياً وعسكرياً وحضارياً، ولم يدر بخلد أحد أن الصراع الذي اشتد على عهد المنصور بن أبي عامر، وزير الأمويين بالأندلس، كان يحمل في طياته عوامل هدمه وفنائه. ما أن مات المنصور، ومن بعده ابنه عبد الملك، حتى ثار القرطبيون على عبد الرحمن بن المنصور، وبدأت سلسلة من الأحداث الدامية أدَّت في النهاية إلى تمزق هذه الدولة، وقامت في جوانبها مماليك لا حول لها ولا قوة.
قام أبو الوليد الباجي وغيره من فقهاء الأندلس بالدعوة إلى التوحد، وضرورة الاستعانة بإخوة الإسلام المغاربة من المرابطين، ولقيت الدعوة صدى عند أمراء الأندلس بسبب ازدياد عنف ألفونسو. تلقى إذن ابن تاشفين دعوة ابن عباد، فحشد جيشه في مدينة سبتة، ثم اجتاز المضيق إلى الجزيرة الخضراء في شهر أغسطس 1086م، فوجد أمير إشبيلية بانتظاره، واتفقا على خطة مواجهة الخطر القشتالي النصراني... ثم سار فرسان المرابطين في الطليعة وعدتهم عشرة آلاف فارس يقودهم داود بن عائشة، ثم الجيش الأندلسي يقوده الشاعر والأمير ابن عباد، ثم الجيش اللمتوني بإمرة الملك الهمام يوسف بن تاشفين، ونزلت الجيوش خارج مدينة بطليوس، فخرج أميرها المتوكل بن الأفطس وقدم لهم الأقوات. ولما علم ألفونسو بالزحف المغربي، ارتد عن مواقعه يحشد العساكر، كما جاءه المدد بالعدة والعدد من ولايات فرنسا الجنوبية. وما أن أخذت العساكر الإسبانية أمكنتها، أرسل ابن تاشفين إلى ألفونسو كتاباً يدعوه فيه إلى الاستسلام والدخول في طاعته، ومما جاء فيه: بلغنا يا أدفنش (ألفونس) أنك رغبت في لقائنا وتمنيت أن يكون لك سفن تعبر فيها البحر إلينا، فقد عبرنا إليك، وقد جمع الله تعالى في هذه الساحة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال . فلما اطلع ألفونسو على مضمون الكتاب، رماه أرضاً غاضباً وقال للرسول: "قل لمولاك أننا سنلتقي في ساحة الحرب".