[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحملة الصليبية الأولى
بقلم المؤرخ الشهير / محمود شاكر
إن الحقد النصراني على الإسلام والمسلمين والذي امتد عدة قرون سببه الانتصارات على النصرانية وانتزاع أجزاء واسعة من أملاك النصرانية في بلاد الشام وشمالي إفريقية، وقد كان هذا الحقد يظهر مع كل انتصار جديد يحققه الإسلام ، ولما كانت النصرانية وأبناؤها عاجزة عن القيام بردّ فعل ؛ لذا فقد انتظرت حتى تمر موجة الفتوة الإسلامية ، ولكن زاد انتظارها ، وطالت مدة هذا المد الإسلامي ، فعندما بدأ الضعف يظهر على المسلمين أرادت النصرانية أن تقوم برد الفعل السريع ، وشجعها على ذلك الخوف من عودة قوة المسلمين بعد الانتصارات التي أحرزها السلاجقة عام 463 هـ في معركة ملاذكرت بقيادة ألب أرسلان، والانتصار في معركة الزلاقة في الأندلس عام 479 هـ بقيادة يوسف بن تاشفين، والانتصارات التي تلتها ، فخافت النصرانية من عودة الروح من جديد لتدب في العالم الإسلامي الذي توسع باستمرار ، وتدخل الإسلام مجموعات محاربة جديدة مثل السلاجقة والمرابطين، وخاصة بعد تدفق السلاجقة في آسيا الصغرى.
وشجعها دخول عناصر بربرية محاربة في النصرانية ، وهي القبائل التي كانت تنتقل في أوروبا ، وهذا ما أدى إلى ظهور روح حربية جديدة تدعم النصرانية ، ومن هذه المجموعات، المجموعة الجرمانية والمجرية، وإن دخول المجر في النصرانية قد جعل الشعوب النصرانية على اتصال بعضها مع بعض من الغرب إلى الشرق في آسيا الصغرى.
وشجعها بعض الانتصارات التي حصلت عليها الإمارات الإيطالية ، إذ تغلبت على أمراء البحر المسلمين الذين كانوا يعيقون عمل السفن الإيطالية في البحر الأبيض المتوسط إن لم تستجب لمطالبهم، فكانت هذه الإمارات الإيطالية ترغب في نشر تجارتها في البحر المتوسط، وبانتصارها على البحارة المسلمين زاد في رغبتها ، بل في محاولة إظهار قوتها ومد نفوذها ، إذ غدت لها قوة في البحر المتوسط تستطيع أن تستفيد منها في نقل جنودها وتحرك سفنها في هذا البحر، ومن الانتصارات التي شجعتها أيضاً احتلال النورمانديين لجنوب إيطالية وجزيرة صقلية وطرد المسلمين منها عام 484 هـ.
وشجعها الضعف الذي حصل لدولة السلاجقة عقب موت السلطان ملكشاه عام 485 هـ فأحبت النصرانية أن تهتبل هذه الفرصة قبل العودة إلى القوة ثانية ، وخاصة أن العبيديين الذي هزِموا أمام السلاجقة وتخلوا عن بيت المقدس عام 471 هـ ورءوا زيادة قوة السلاجقة خصومهم في العقيدة أيضاً قد استنجدوا ببعض أمراء أوروبا لدعمهم ضد السلاجقة.
ولعل أهم الجوانب النصرانية التي دفعت بالموضوع هي النفوذ الذي حصل عليه البابا إيربان الثاني الذي اختير بابا لروما عام 481 هـ إذ أصبح السيد المطاع بين الشعوب النصرانية ، بل وبين الأمراء ، وهذا ما يجعله أهلاً لأن يستغل نفوذه لدى النصارى ، ويدعوهم للحرب الصليبية ، فدعا إلى اجتماع لرجال الدين عام 489 هـ في كليرمونت بفرنسا ، ودعا إلى الحرب الصليبية ، ونادى الأمراء بترك الخلافات القائمة بينهم، وقدّم لهم الصليب، وجعل مبرراً لهذه الحرب ما يقوم به السلاجقة من مضايقة للحجاج النصارى الذين يريدون بيت المقدس، وطلب أن يحتل النصارى بيت المقدس، وساهم بهذه الدعوة بطرس الناسك، وسار بجموع المتطوعين ، وسبق جيوش الأمراء النصارى النظامية، ولما كان هؤلاء المتطوعون يسيرون بلا نظام فقد سببوا الفوضى والدمار لكل المناطق التي مروا عليها حتى النصرانية منها ، وحتى شكا منهم إمبراطور القسطنطينية، وعندما وصلوا إلى بلاد المسلمين صبّوا جام غضبهم فأهلكوا الزرع والضرع، وأحرقوا الأخضر واليابس، وعاثوا في الأرض الفساد، وقتلوا ومثّلوا وانتهكوا من الحرمات ما شاء لهم هواهم أن يفعلوا ذلك، وتصدى لهم السلاجقة فالتقوا في نيقية فأفنوهم عن بكرة أبيهم عام 489.
وكان إمبراطور القسطنطينية قد أراد أن يتقي شرهم فساعدهم على السير إلى آسيا الصغرى والتقدم إلى نيقية.
الحملة الصليبية الأولى
بقلم المؤرخ الشهير / محمود شاكر
إن الحقد النصراني على الإسلام والمسلمين والذي امتد عدة قرون سببه الانتصارات على النصرانية وانتزاع أجزاء واسعة من أملاك النصرانية في بلاد الشام وشمالي إفريقية، وقد كان هذا الحقد يظهر مع كل انتصار جديد يحققه الإسلام ، ولما كانت النصرانية وأبناؤها عاجزة عن القيام بردّ فعل ؛ لذا فقد انتظرت حتى تمر موجة الفتوة الإسلامية ، ولكن زاد انتظارها ، وطالت مدة هذا المد الإسلامي ، فعندما بدأ الضعف يظهر على المسلمين أرادت النصرانية أن تقوم برد الفعل السريع ، وشجعها على ذلك الخوف من عودة قوة المسلمين بعد الانتصارات التي أحرزها السلاجقة عام 463 هـ في معركة ملاذكرت بقيادة ألب أرسلان، والانتصار في معركة الزلاقة في الأندلس عام 479 هـ بقيادة يوسف بن تاشفين، والانتصارات التي تلتها ، فخافت النصرانية من عودة الروح من جديد لتدب في العالم الإسلامي الذي توسع باستمرار ، وتدخل الإسلام مجموعات محاربة جديدة مثل السلاجقة والمرابطين، وخاصة بعد تدفق السلاجقة في آسيا الصغرى.
وشجعها دخول عناصر بربرية محاربة في النصرانية ، وهي القبائل التي كانت تنتقل في أوروبا ، وهذا ما أدى إلى ظهور روح حربية جديدة تدعم النصرانية ، ومن هذه المجموعات، المجموعة الجرمانية والمجرية، وإن دخول المجر في النصرانية قد جعل الشعوب النصرانية على اتصال بعضها مع بعض من الغرب إلى الشرق في آسيا الصغرى.
وشجعها بعض الانتصارات التي حصلت عليها الإمارات الإيطالية ، إذ تغلبت على أمراء البحر المسلمين الذين كانوا يعيقون عمل السفن الإيطالية في البحر الأبيض المتوسط إن لم تستجب لمطالبهم، فكانت هذه الإمارات الإيطالية ترغب في نشر تجارتها في البحر المتوسط، وبانتصارها على البحارة المسلمين زاد في رغبتها ، بل في محاولة إظهار قوتها ومد نفوذها ، إذ غدت لها قوة في البحر المتوسط تستطيع أن تستفيد منها في نقل جنودها وتحرك سفنها في هذا البحر، ومن الانتصارات التي شجعتها أيضاً احتلال النورمانديين لجنوب إيطالية وجزيرة صقلية وطرد المسلمين منها عام 484 هـ.
وشجعها الضعف الذي حصل لدولة السلاجقة عقب موت السلطان ملكشاه عام 485 هـ فأحبت النصرانية أن تهتبل هذه الفرصة قبل العودة إلى القوة ثانية ، وخاصة أن العبيديين الذي هزِموا أمام السلاجقة وتخلوا عن بيت المقدس عام 471 هـ ورءوا زيادة قوة السلاجقة خصومهم في العقيدة أيضاً قد استنجدوا ببعض أمراء أوروبا لدعمهم ضد السلاجقة.
ولعل أهم الجوانب النصرانية التي دفعت بالموضوع هي النفوذ الذي حصل عليه البابا إيربان الثاني الذي اختير بابا لروما عام 481 هـ إذ أصبح السيد المطاع بين الشعوب النصرانية ، بل وبين الأمراء ، وهذا ما يجعله أهلاً لأن يستغل نفوذه لدى النصارى ، ويدعوهم للحرب الصليبية ، فدعا إلى اجتماع لرجال الدين عام 489 هـ في كليرمونت بفرنسا ، ودعا إلى الحرب الصليبية ، ونادى الأمراء بترك الخلافات القائمة بينهم، وقدّم لهم الصليب، وجعل مبرراً لهذه الحرب ما يقوم به السلاجقة من مضايقة للحجاج النصارى الذين يريدون بيت المقدس، وطلب أن يحتل النصارى بيت المقدس، وساهم بهذه الدعوة بطرس الناسك، وسار بجموع المتطوعين ، وسبق جيوش الأمراء النصارى النظامية، ولما كان هؤلاء المتطوعون يسيرون بلا نظام فقد سببوا الفوضى والدمار لكل المناطق التي مروا عليها حتى النصرانية منها ، وحتى شكا منهم إمبراطور القسطنطينية، وعندما وصلوا إلى بلاد المسلمين صبّوا جام غضبهم فأهلكوا الزرع والضرع، وأحرقوا الأخضر واليابس، وعاثوا في الأرض الفساد، وقتلوا ومثّلوا وانتهكوا من الحرمات ما شاء لهم هواهم أن يفعلوا ذلك، وتصدى لهم السلاجقة فالتقوا في نيقية فأفنوهم عن بكرة أبيهم عام 489.
وكان إمبراطور القسطنطينية قد أراد أن يتقي شرهم فساعدهم على السير إلى آسيا الصغرى والتقدم إلى نيقية.