الرئيسية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أثر الحروب الصليبية
على الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي
نتناول في العرض التالي -على نحو موجز- الآثار التي تركتها الحروب الصليبية على مدى القرنين 12،13م على الجانب الإسلامي وكذلك على أوروبا العصور الوسطى ذاتها.
أما فيما يتصل بالجانب الإسلامي، فيلاحظ على المستوى السياسي أن تلك الحروب كشفت عن ضعف الدولة العباسية، وكذلك الدولة الفاطمية عن مواجهة الغزو الصليبي لبلاد الشام، ولذلك قامت دول تولت أمر جهاد الصليبيين مثل الدولة الزنكية وعلى رأسها عماد الدين زنكي، والدولة النورية وعلى رأسها نور الدين محمود، ثم الدولة الأيوبية ومؤسسها صلاح الدين الأيوبي، ومن بعدها دولة سلاطين المماليك التي يعتبر الظاهر بيبرس المؤسس الفعلي لها.
أما على الصعيد الاقتصادي، نجد أن تلك الحروب انعكست سلباً على وضع المسلمين التجاري، إذ أنتقلت المكاسب إلى الجانب الصليبي خاصة مدن التجارة الإيطالية مثل جنوة، وبيزا، والبندقية.
أما على المستوى الإجتماعي، نجد أن الحروب الصليبية أدت إلى بعض المظاهر الاجتماعية السلبية مثل ظاهرة التيتم والترمل، خاصة مع وجود من أستشهد في المعارك ضد الصليبيين وبالتالي ترك أسرته دونما عائل.
وإذا انتقلنا إلى المستوى الفكري؛ نجد أن ذلك العصر شهد ظهور مجموعة بارزة من المؤرخين عملوا على تأليف مؤلفات تتناول أحداث الصراع مع الغزاة منهم: ابن عساكر (ت1176م) مؤلف تاريخ مدينة دمشق، وابن القلانسي (ت1160م) مؤلف ذيل تاريخ دمشق، وابن الأثير (ت 1232م) مؤلف كتاب الكامل في التاريخ، والتاريخ الباهر والقاضي بهاء الدين بن شداد (ت1234م) مؤلف سيرة صلاح الدين الأيوبي تحت عنوان النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية.
كذلك ظهر مبدعون في مجال الجغرافيا والرحلات لعل من أبرزهم ياقوت الحموي (ت1228م) مؤلف معجم البلدان، وابن جبير (ت 1216م) مؤلف الرحلة الشهيرة.
كذلك ظهر عدد من كبار الشعراء حاربوا بأقلامهم من خلال القصائد الشعرية نذكر منهم على سبيل المثال العماد الكاتب الأصفهاني (ت1201م)، وابن القيسراني (ت 1153م)، وابن الساعاتي (ت 1207م).
أما الجانب الأوروبي، فمن المهم ملاحظة أن أوروبا قدمت إلى الشرق وهي متصورة تخلفه الحضاري فإذا تصطدم بحضارته ولم يكن أمامها إلا أن تجلس مجلس التلميذ في مدرسة الشرق التي تفيض بالعلوم والمعارف.
ويمكن أن نضرب أمثلة على مدى ما استفادت منه أوروبا باتصالها بالشرق من خلال الحروب الصليبية من خلال الآتي:
1- في مجال الكتابة التاريخية؛ ظهر لدى الصليبيين عدد من المؤرخين على أن أهمهم على الإطلاق المؤرخ وليم الصوري
William Of Tyre
رئيس أساقفة صور الذي ألف كتابين هما:
- تاريخ الأعمال التي جرت فيما وراء البحر.
- تاريخ الأمراء الشرقيون.
وقد أمتاز وليم الصوري بمعرفته اللغة العربية بالإضافة إلى عدد من اللغات الأخرى، كذلك تأثر بكتابات عدد من المؤرخين المسلمين كما أنه أفاد من الوثائق الرسمية التي قدمها له الملك الصليبي عموري (1163-1174م).
2- في مجال الجغرافيا ظهر عدد بارز من الرحالة الأوربيين الذين زاروا الشرق ووصفوا الأماكن المقدسة للمسيحيين في فلسطين، ونذكر منهم سايولف، ودانيال الروسي، وثيودوريك الألماني، وبنيامبن التطيلي، وبتاحيا الراتسبوني وغيرهم، وتعد كتاباتهم مصدراً تاريخياً مهماً عن ذلك العصر.
ويلاحظ أن معارف أوروبا الجغرافية تزايدت إلى درجة كبيرة من خلال عصر الحروب الصليبية، ولا نغفل؛ أن القرن الثالث عشر ظهر خلاله أشهر رحالة أوروبي في العصور الوسطى وهو البندقي ماركوا بولو
Marco Polo.
3- إذا نظرنا في مجال أخر في صورة الطب؛ نجد أن أوروبا استفادت خلال ذلك العصر بأن ترجمت كتاب على بن العباس المجوسي مؤلف كتاب كامل الصناعة الطبية حيث ترجمه ستيفن الأنطاكي
Stephen Of Antioch
حوالي عام 1127م واستفادت منه أوروبا نظراً لأهميته البارزة في المجال الطبي وكان من ضمن الكتب التي تم تدريسها في مدرسة سالرنو الطبية بإيطاليا.
كذلك تفيد نصوص كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ في توضيح أن الصليبيين استفادوا من معارف المسلمين الطبية.
4- على مستوى الفروسية كانت الحروب الصليبية فرصة تاريخية ليلتقي فيها الفارس المسلم البارز السلطان صلاح الدين الأيوبي مع ريتشارد قلب الأسد الفارس الإنجليزي الذي تفوق السلطان عليه من خلال أخلاقه ويكفي أنه عندما مرض في يافا أرسل له صلاح الدين طبيبة الخاص موسى بن ميمون اليهودي ومعه الفاكهة والثلج في لفته إنسانية نادرة التكرار في التاريخ، لذا فليس غريباً أن ينبهر الصليبيون بأخلاق صلاح الدين الأيوبي وجعلوا منه أسطورة راسخة في الفكر الأوروبي.
5-على مستوى العمارة، تأثر الصليبيون بنظام السقاطات (أشبه بالمشربيات) الذي وجدوه لدى القلاع الإسلامية فأدخلوه في قلاعهم.
كل ما سبق يدل دلالة واضحة على أن أوروبا قدمت إلى المشرق فاستفادت منه في كافة المجالات وعادت بعد أن تغيرت من خلال حضارته الخالدة.
أثر الحروب الصليبية
على الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي
نتناول في العرض التالي -على نحو موجز- الآثار التي تركتها الحروب الصليبية على مدى القرنين 12،13م على الجانب الإسلامي وكذلك على أوروبا العصور الوسطى ذاتها.
أما فيما يتصل بالجانب الإسلامي، فيلاحظ على المستوى السياسي أن تلك الحروب كشفت عن ضعف الدولة العباسية، وكذلك الدولة الفاطمية عن مواجهة الغزو الصليبي لبلاد الشام، ولذلك قامت دول تولت أمر جهاد الصليبيين مثل الدولة الزنكية وعلى رأسها عماد الدين زنكي، والدولة النورية وعلى رأسها نور الدين محمود، ثم الدولة الأيوبية ومؤسسها صلاح الدين الأيوبي، ومن بعدها دولة سلاطين المماليك التي يعتبر الظاهر بيبرس المؤسس الفعلي لها.
أما على الصعيد الاقتصادي، نجد أن تلك الحروب انعكست سلباً على وضع المسلمين التجاري، إذ أنتقلت المكاسب إلى الجانب الصليبي خاصة مدن التجارة الإيطالية مثل جنوة، وبيزا، والبندقية.
أما على المستوى الإجتماعي، نجد أن الحروب الصليبية أدت إلى بعض المظاهر الاجتماعية السلبية مثل ظاهرة التيتم والترمل، خاصة مع وجود من أستشهد في المعارك ضد الصليبيين وبالتالي ترك أسرته دونما عائل.
وإذا انتقلنا إلى المستوى الفكري؛ نجد أن ذلك العصر شهد ظهور مجموعة بارزة من المؤرخين عملوا على تأليف مؤلفات تتناول أحداث الصراع مع الغزاة منهم: ابن عساكر (ت1176م) مؤلف تاريخ مدينة دمشق، وابن القلانسي (ت1160م) مؤلف ذيل تاريخ دمشق، وابن الأثير (ت 1232م) مؤلف كتاب الكامل في التاريخ، والتاريخ الباهر والقاضي بهاء الدين بن شداد (ت1234م) مؤلف سيرة صلاح الدين الأيوبي تحت عنوان النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية.
كذلك ظهر مبدعون في مجال الجغرافيا والرحلات لعل من أبرزهم ياقوت الحموي (ت1228م) مؤلف معجم البلدان، وابن جبير (ت 1216م) مؤلف الرحلة الشهيرة.
كذلك ظهر عدد من كبار الشعراء حاربوا بأقلامهم من خلال القصائد الشعرية نذكر منهم على سبيل المثال العماد الكاتب الأصفهاني (ت1201م)، وابن القيسراني (ت 1153م)، وابن الساعاتي (ت 1207م).
أما الجانب الأوروبي، فمن المهم ملاحظة أن أوروبا قدمت إلى الشرق وهي متصورة تخلفه الحضاري فإذا تصطدم بحضارته ولم يكن أمامها إلا أن تجلس مجلس التلميذ في مدرسة الشرق التي تفيض بالعلوم والمعارف.
ويمكن أن نضرب أمثلة على مدى ما استفادت منه أوروبا باتصالها بالشرق من خلال الحروب الصليبية من خلال الآتي:
1- في مجال الكتابة التاريخية؛ ظهر لدى الصليبيين عدد من المؤرخين على أن أهمهم على الإطلاق المؤرخ وليم الصوري
William Of Tyre
رئيس أساقفة صور الذي ألف كتابين هما:
- تاريخ الأعمال التي جرت فيما وراء البحر.
- تاريخ الأمراء الشرقيون.
وقد أمتاز وليم الصوري بمعرفته اللغة العربية بالإضافة إلى عدد من اللغات الأخرى، كذلك تأثر بكتابات عدد من المؤرخين المسلمين كما أنه أفاد من الوثائق الرسمية التي قدمها له الملك الصليبي عموري (1163-1174م).
2- في مجال الجغرافيا ظهر عدد بارز من الرحالة الأوربيين الذين زاروا الشرق ووصفوا الأماكن المقدسة للمسيحيين في فلسطين، ونذكر منهم سايولف، ودانيال الروسي، وثيودوريك الألماني، وبنيامبن التطيلي، وبتاحيا الراتسبوني وغيرهم، وتعد كتاباتهم مصدراً تاريخياً مهماً عن ذلك العصر.
ويلاحظ أن معارف أوروبا الجغرافية تزايدت إلى درجة كبيرة من خلال عصر الحروب الصليبية، ولا نغفل؛ أن القرن الثالث عشر ظهر خلاله أشهر رحالة أوروبي في العصور الوسطى وهو البندقي ماركوا بولو
Marco Polo.
3- إذا نظرنا في مجال أخر في صورة الطب؛ نجد أن أوروبا استفادت خلال ذلك العصر بأن ترجمت كتاب على بن العباس المجوسي مؤلف كتاب كامل الصناعة الطبية حيث ترجمه ستيفن الأنطاكي
Stephen Of Antioch
حوالي عام 1127م واستفادت منه أوروبا نظراً لأهميته البارزة في المجال الطبي وكان من ضمن الكتب التي تم تدريسها في مدرسة سالرنو الطبية بإيطاليا.
كذلك تفيد نصوص كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ في توضيح أن الصليبيين استفادوا من معارف المسلمين الطبية.
4- على مستوى الفروسية كانت الحروب الصليبية فرصة تاريخية ليلتقي فيها الفارس المسلم البارز السلطان صلاح الدين الأيوبي مع ريتشارد قلب الأسد الفارس الإنجليزي الذي تفوق السلطان عليه من خلال أخلاقه ويكفي أنه عندما مرض في يافا أرسل له صلاح الدين طبيبة الخاص موسى بن ميمون اليهودي ومعه الفاكهة والثلج في لفته إنسانية نادرة التكرار في التاريخ، لذا فليس غريباً أن ينبهر الصليبيون بأخلاق صلاح الدين الأيوبي وجعلوا منه أسطورة راسخة في الفكر الأوروبي.
5-على مستوى العمارة، تأثر الصليبيون بنظام السقاطات (أشبه بالمشربيات) الذي وجدوه لدى القلاع الإسلامية فأدخلوه في قلاعهم.
كل ما سبق يدل دلالة واضحة على أن أوروبا قدمت إلى المشرق فاستفادت منه في كافة المجالات وعادت بعد أن تغيرت من خلال حضارته الخالدة.
