منتديات مواد الاجتماعيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات مواد الاجتماعيات

منتديات مواد الاجتماعيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مواد الاجتماعيات


    عملية ميونخ

    Admin
    Admin
    Admin
    Admin


    الدولة : عملية ميونخ 710
    عارضة الطاقة :
    عملية ميونخ Left_bar_bleue90 / 10090 / 100عملية ميونخ Right_bar_bleue

    عدد المساهمات : 9005
    نقاط : 19215
    تاريخ التسجيل : 10/08/2010

    عملية ميونخ Empty عملية ميونخ

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 01 2011, 17:17

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    عملية ميونخ

    تفاصيل ومقدمات عملية ميونخ كما جاء في رواية أبو داوود(محمد داوود عودة) :

    اكتسبت عملية ميونخ التي تبنّتها منظمة أيلول الأسود ، و التي أخذت اسمها من الأحداث الدامية في الأردن بين قوات منظمة التحرير و الجيش الأردني و التي انتهت بخروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلى لبنان ، التي كان قائدها الأبرز صلاح خلف (أبو أياد) ، أهمية كبيرة و أحدثت دوياً و صدى تردّد صداه في العمليات المخابراتية الكثيرة خلال أكثر من عقد في عواصم العالم المختلفة و التي كان من نتائجها المأساوية تلك الاغتيالات التي طالت مثقفين و سياسيين و دبلوماسيين فلسطينيين و عرب بذريعة مسئوليتهم عن تلك العملية و هو أمر غير صحيح .

    و في صيف 1999م ، فجّر القائد العسكري الفلسطيني السابق محمد داود عودة (أبو داود) قنبلة غير عسكرية هذه المرة ، و هو المسؤول عن تفجيرات عسكرية كثيرة ، حين نشر كتابه (فلسطين من القدس إلى ميونخ) الذي يتحدّث فيه للصحافي الفرنسي جيل دو جونشية ، عن رحلته من مسقط رأسه في سلوان بالقرب من القدس إلى تخطيطه لعملية ميونخ ، و اعترافه بمسئوليته المباشرة عن تلك العملية ، التي أودت بحياة 11 رياضياً صهيونياً و رجل شرطة و طياراً ألمانيين ، و نافياً أي علاقة لآخرين ارتبطت أسماؤهم بمنظمة أيلول الأسود أو ميونخ بتلك المنظمة أو العملية أمثال أبو حسن سلامة الذي اغتيل في بيروت عام 1978م رغم أنه أصدر بياناً بمسؤولية المنظمة عن إحدى العمليات التي قام بها ، و كذلك أبو يوسف النجار الذي اغتيل في عملية ربيع فردان في بيروت 1972م و الذي أصدر بياناً أعلن مسؤولية منظمة أيلول الأسود عن اغتيال وصفي التل رئيس وزراء الأردن ، و حتى خليل الوزير الرجل الثاني في فتح الذي اغتالته المخابرات الصهيونية عام 1988 في تونس لم يكن له علاقة بمنظمة أيلول الأسود أو عملية ميونخ ، رغم أنه أصدر في إحدى المرات بياناً أعلن فيه مسؤولية أيلول الأسود عن عملية نفّذها رجال أبو جهاد في بانكوك ، و هذا كله على مسؤولية أبو داود ، بعد سنوات طويلة من الصمت .

    و لدى الإعلان عن نشر الكتاب بالفرنسية ، و إعطاء أبو داود أحاديث عديدة للصحافة عن حقيقة ما حدث في ميونخ بالأسماء و المعلومات ، أعلنت (إسرائيل) عن عدم سماحها لأبي داود بالعودة إلى فلسطين ، و التي كان دخلها في ظروف سمحت فيها (إسرائيل) لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بالدخول إلى غزة لعقد اجتماع حضر جلسته الافتتاحية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون و قرر المجلس إلغاء بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني كانت (إسرائيل) تشترط إلغاءها .

    و لم تكن (إسرائيل) وحدها التي أثارها ما قاله أبو داود من معلومات جديدة عن عملية ميونخ ، فالأرجح أنها كانت تعرف الكثير من الحقائق عن تلك العملية و عن مسؤولية صلاح خلف (أبو أياد) و أبو داود عنها ، بل أعلنت فرنسا مثلاً بأن أبو داود شخص غير مرغوب فيه و منعته من دخول البلاد عندما دعته دار النشر (أن كاري ير) التي أصدرت كتابه (فلسطين : من القدس إلى ميونخ) للحضور إلى فرنسا احتفالاً بصدور الكتاب .

    و أصدرت ألمانيا مذكرة توقيف بحق أبو داود لاعترافه بمسئوليته عن العملية التي جرت فصولها الرئيسية على أرضها . و المذكرة أصدرها المدعي العام في جمهورية بافاريا ألفريد فيك ، و لم تكن تلك المرة الأولى التي يحدث فيها هذا ، ففي عام 1977م أوقف أبو داود في باريس ، بموجب طلب تسليم من محكمة بافاريا ، و لكن السلطات الألمانية الفدرالية أبطلت ذلك الطلب في حينه و أبلغت فرنسا بذلك .

    و كلا الموقفين (الإسرائيلي) و الألماني ، بعد نشر الكتاب و الزوابع التي خلقها ، لهما أسبابهما ، التي سنتوقف عندها بعد أن نعرف ما حدث في ميونخ حسب رواية أبو داود .


    و استهجنت بعض الأوساط الفلسطينية ما ذكره أبو داود في مقابلاته الكثيرة ، عن رفاق السلاح السابقين و معظمهم رموز وطنية بارزة مثل أبو يوسف النجار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي اغتالته (إسرائيل) في نيسان 1972م . و حدث تنابذ إعلامي ، إن صح التعبير ، من مناضلين سابقين ، بحق أبو داود ، معتبرين أن (التاريخ لا يكتبه شخص واحد) ، و متهمينه بأنه يحاول التقليل من أدوار الآخرين .

    و حظي أبو داود بتكريم بعض الجهات ، فمنح جائزة (فلسطين - محمود الهمشري) و الهمشري كما أشرنا ممثل منظمة التحرير الفلسطينية الذي اغتيل في فرنسا علم 1973م ، لسنة 1999م ، تكريماً له بعد نشر كتابه ، و أنشأت الجائزة جمعية التضامن العربية - الفرنسية و مجلة فرنسا - البلاد العربية ، بعد اغتيال الهمشري .

    يقول أبو داود إنه كان موجوداً في 18/8/1972م في العاصمة التونسية ، مع أبي عمار و أبو يوسف النجار و أبو إياد ، في دارة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي الفخمة التي أعارها لهؤلاء ، حين كان هو في إجازة .

    و سبب وجود أبو داود مع قادة الصف الأول أولئك ، هو أن العادة جرت أن يرافق أي وفد من اللجنة المركزي لحركة فتح حين يكون في زيارة لبلد آخر لإجراء محادثات سياسية أن يرافق الوفد واحد أو اثنان من المجلس الثوري لحركة فتح ، و أبو داود عضو في هذا المجلس الذي ينتخب من بين أعضائه ، قيادة حركة فتح .

    و ذهب مع هؤلاء القادة إلى تونس تلبية لطلب صلاح خلف (أبو أياد) الذي قال له ستمضي معنا يومين أو ثلاثة ثم تتجه إلى ميونخ .. ! ، تلك المدينة الألمانية كان سيتم فيها افتتاح الألعاب الأولمبية في 26 آب .

    و كان أبو داود و أبو أياد و محمود عباس (أبو مازن) ، فكّروا بالقيام بعملية مدوية للفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية ، و كان التفكير بدأ بعملية خطف الرياضيين (الإسرائيليين) المشاركين في تلك الألعاب .

    في البداية كان هناك تفكير للعمل ضد الموساد و أذرعه ، و لكن جاءت عملية قتل غسان كنفاني في 8/7/1972م ، لتحمل رسالة فهمها المسؤولون الفلسطينيون بأن الصهاينة يقتلون من يستطيعون الوصول إليه من القيادات الفلسطينية بغض النظر عن مهامه : عسكرية أم سياسية كما كانت مهمات غسان ، لتجعلهم يفكّرون بعمل كبير يقول للصهاينة إن الفلسطينيين يستطيعون الوصول إليهم في الخارج حيث يسرح و يمرح رجال الموساد و ليرضوا شعبهم الذي كان ينتظر منهم عملية ذات طابع ثأري على عمليات الاغتيال و على القصف الصهيوني المتزايد لقواعد الفدائيين في لبنان ، و كان هناك تقدير بأنه إذا لم يكن هناك مبادرة لعمل ثأري ، فستخسر فتح ، كبرى الفصائل الفلسطينية ، كثيراً جداً من رصيدها .

    و كان هناك عدة اقتراحات ، مثل استهداف سفارات و قنصليات صهيونية ، و لكنها رفضت ، لتجنب الإحراجات مع الدول المضيفة لتلك السفارات و القنصليات ، و برزت فكرة ميونخ ، عندما رفضت اللجنة الأولمبية إشراك فريق فلسطيني في الأولمبياد العشرين في ميونخ ، فاقترح فخري العمري (أبو محمد) مساعد أبو إياد و الذي اغتيل معه لاحقاً ، بالدخول إلى القرية الأولمبية بدون إذن .

    و عندما سأله أبو إياد :

    - ماذا نفعل هناك ؟

    أجابه فخري العمري :

    - نحتجز الرياضيين (الإسرائيليين) .

    فرد عليه أبو إياد :

    - أنت مجنون .

    و تدخّل أبو داود مؤيداً لفكرة فخري العمري ، على اعتبار أن الصهاينة لا يولون أية أهمية أو اعتباراً لأي شيء ، و لأن رياضييهم أصلاً عسكريون .

    و لتعزيز فكرته قال أبو داود إن (المدرّبين و المعالجين و الرياضيين يأتون عملياً من مؤسسة أورد وينغايت التي تحمل اسم ذلك الضابط البريطاني سيئ السمعة الذي نظّم بين عامي 1973 - 1939 في فلسطين و بمساعدة الهجاناة قوات المغاوير التي خاض ضمنها أمثال ديان و ألون أولى معاركهم ضد جيل آبائنا ، و تحوي المؤسسة تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب ، و بحسب ما يوحيه اسمها ، يقوم بالمهمات الإدارية و التنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة الذين ينتمون إلى كوادر الاحتياط في الجيش الصهيوني ، و تدرّب فيها كل الرياضات ، و يجري فيها بشكلٍ خاص إعداد المصارعين و أبطال الرماية) .

    و يبدو أن أبو أياد اقتنع ، فطلب من أبي داود ، خلال جولته في مهام في أوروبا ، لشراء أسلحة ، أن يمر إلى ميونخ و يستطلع الأمر .. ! ، على أن يكلم أبو أياد أبا مازن ، المسؤول المالي في ذلك الحين ، كي يتم توفير ميزانية للعمل إذا تم الاتفاق عليه .

    لدى وصوله إلى ميونخ ، بدأ أبو داود مهمته ، حصل على خريطة للمدينة و كتيبات خاصة بالأولمبياد و قائمة بأسماء الفنادق و خطط سير المترو و كتيبات أخرى بهذا الشأن ، و استقل المترو و ذهب إلى القرية الأولمبية شمال المدينة و استطلع الأمر و لكن كان العمل لا زال جارياً في القرية ، و بعدها بأيام قابل أبا أياد في أثينا ، فأخبره بموافقة أبي مازن مبدئياً على العملية و طلب منه دراسة الوضع من جديد .

    و في هذه الأثناء ، جرت محاولة لاغتيال بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة الهدف ، المجلة المركزية للجبهة الشعبية بواسطة طرد مفخخ ، و كذلك جرت محاولة لاغتيال أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني ، و أسفرت المحاولتان عن إحداث تشوهات في الرجلين اللذين لم يكونا لهما أي علاقة بالعمل العسكري .

    و مضت الخطة بالتبلور أكثر فأكثر ، و التقى أبو داود مع أبو أياد و فخري العمري في صوفيا عاصمة بلغاريا و ناقشوا من جديد أموراً تتعلق بالعملية المراد تنفيذها في ميونخ ، مثل البلاغ الذي سيسلّمه الفدائيون الذين سيحتجزون الرياضيين الصهاينة ، للسلطات الألمانية ، و القائمة التي ستضم أسماء معتقلين فلسطينيين في سجون (إسرائيل) للطلب بإطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الرياضيين ، و تذليل العقبات بشأن جوازات السفر للذين سينفذون العملية و تأشيرات الدخول و الإقامة و تأمين وصول السلاح .

    و تم الاتفاق مبدئياً على أن يكون يوسف نزال الملقب بـ (تشي) ، قائداً لفرقة الفدائيين الذين سينفّذون العملية ، يقول أبو داود عنه إنه (أحد ضباط العاصفة الشبان ، كنت التقيته مرة في نهاية 1971 ، عندما كنت قائد الشعبة 48 ، كانت قاعدته قرب النبطية في جنوب لبنان ، و كان من أولئك الذين يقومون بعمليات خلف الحدود مع (إسرائيل) ، و هو أصغر مني بعشر سنوات تقريباً ، و قد تدرّب على يد صديقي الراحل وليد أحمد نمر (أبو علي أياد) و كان يتبعه في الربيع السابق في تلال جرش و عجلون في الأردن ، و قد نجا من الكارثة النهائية ، مثله مثل عدد من الآخرين ، و أخيراً كان في عداد قادة الفدائيين الذين رأيتهم في بيروت ، بعد غارات الطيران الصهيوني القاتلة في شباط 1972 على جنوب لبنان ، و هم يتوسلون أبو أياد القيام بتنظيم شيء ما ، في مكان ما ، فيردّون بذلك الصاع صاعين ، و التحق منذ ذلك الوقت بمخيمنا الصغير شمال صيدا) .

    و لكن كان هناك شيء سلبي لدى (تشي) كما رأى أبو داود ، و هو قصر قامته ، لأن الفدائيين الذين سينفّذون العملية عليهم تسلق سياج بطول مترين للدخول إلى القرية الأولمبية ، و احتجاز الرياضيين الصهاينة و بدء عملية المقايضة بأسرى في سجون الاحتلال .

    و تبلورت خطوط تفصيلية للعملية : يدخل الفدائيون و هم يلبسون الملابس الرياضية عن طريق السياج ، كأنهم فرقة رياضية عائدة بعد سهرة ، و يقتحمون مقر البعثة الصهيونية و الرياضيون نيام ، و تم الاتفاق مبدئياً على أنه إذا كان عدد الرياضيين الصهاينة مع طاقم التدريب و الإدارة يصل إلى ثلاثين ، فإن عشرة رجال يكفون لتنفيذ المهمة التي لن تطول إلا عدة ساعات .

    و كل ذلك تم بين أبو داود و فخري العمري و يوسف نزال (تشي) الذين التقوا في ميونخ و بدأوا بدراسة الوضع ميدانياً على الأرض . و بعد ذلك حدث لقاء بين أبو داود و أبو إياد في بيروت ، تم فيها وضع أبو إياد في صورة ما حدث ، و تم تجهيز جوازات سفر أردنية مزورة لدخول الفدائيين بها إلى ألمانيا ، و تم دراسة تفاصيل عملية التبادل المفترضة و تجهيز لائحة تضم مائتي أسير كان سيتم إضافة أسماء أسيرتين مغربيتين و فرنسيتين اعتقلن أثناء تهريبهن سلاحاً لصالح الجبهة الشعبية و كذلك كوزو أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني و الذي نفذ مع رفاق له عملية في مطار اللد ، و ستة من الضباط السوريين و اللبنانيين أسروا من جانب الكيان الصهيوني .

    و باقتراح من أبي داود ، أضيفت للقائمة اسمي (أولركه ماينهوف) و (أندرياس بادر) ، من مجموعة (بادر ماينهوف) الراديكالية الألمانية ، المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني ، المحتجزان في السجون الألمانية . باعتقاد أن ذلك قد يشكّل ضغطاً على الحكومة الألمانية .

    و أخبره أبو أياد بأنه سيوافيه في ألمانيا ، لوضع اللمسات الأخيرة على العملية و توصيل السلاح ، و بعد أيام ذهب الإثنان مع وفد فتح المركزي إلى تونس حيث مكثوا في منزل وزير الخارجية المصمودي ، كما أشرنا ، و من تونس غادر أبو داود إلى ميونخ .

    و بدأ عمله في رصد و جمع المعلومات عن ما يجري في القرية الأولمبية و ما يتعلق بالبعثة الصهيونية ، و تحديد المبنى الذي ستنزل فيه البعثة . و لحقه أبو أياد في 24/8 ، و التقيا في فرانكفورت ، كان أبو أياد قد أدخل معه الأسلحة في حقيبتين مع امرأة اسمها جوليت ، و رجل فلسطيني اسمه علي أبو لبن ، مرت الأمور بسلام في المطار و بدون إثارة أية شبهة .

    و كانت الأسلحة عبارة عن ستة كلاشكينوف و رشاشين من نوع كارل – غوستاف ، و تم الاتفاق على أنه بعد أن يعود أبو أياد و علي في اليوم التالي إلى بيروت ، سيعود علي على أول طيارة و معه قنابل يدوية .

    و عاد أبو داود إلى ميونخ ، و أودع الأسلحة في الحقيبتين في خزائن الودائع في المحطة ، و كان يحرص على تغيير مكانهما كل 24 ساعة ، و وصلت حقيبة القنابل اليدوية ، و افتتحت الألعاب الأولمبية في 26/8 ، بينما كان أبو داود مستمراً في عمله و تمكن ، بمساعدة امرأة فلسطينية تتقن الألمانية من الدخول إلى القرية الأولمبية و رصد مكان البعثة الأولمبية عن كثب ، ثم تمكّن أيضاً من الدخول مع يوسف نزال و محمد مصالحة الذين سيقودان مجموعة الفدائيين ، و الأكثر من هذا خدمته الصدفة و الجرأة فدخلوا إلى مقر البعثة الصهيونية ، و اكتملت تفاصيل خطة احتجاز الرياضيين على أرض الواقع .

    كان مع أبي داود في ميونخ يوسف نزال (تشي) و محمد مصالحة ، و اتصل أبو داود بعاطف بسيسو ، أحد مساعدي أبو إياد ، في بيروت طالباً منه إبلاغ فخري العمري بأن كل شيء جاهز ، و بأن يرسل الرجال الستة الآخرين ، منفردين إلى ميونخ .

    عقد أبو داود اجتماعا مع يوسف نزال و محمد مصالحة اللذان لم يكونا يعرفان سوى الخطوط العريضة للمهمة ، و شدّد عليهما بعدم القيام بأي عمل انتقامي ضد الرياضيين الذين سيتم احتجازهم مثل القتل أو الجرح ، و بأن العملية هي سياسية و ليست عسكرية ، و الظهور أمام الرأي العام كمقاتلين متمالكين لأعصابهم ، و معاملة المحتجزين بشكلٍ جيد و التخفيف عنهم إذا لزم الأمر ، و التوضيح لهم بأن الفدائيين مجبرون على توثيق أيديهم بالحبال لأسباب أمنية ، و أن الهدف هو مبادلتهما بأسماء 236 أسيراً تضمنّتهم اللائحة النهائية .

    و تم مناقشة أية أمور قد تطرأ ، فمن بين المحتجزين المفترضين ، هناك مصارعين و رجال أقوياء و آخرون تدرّبوا في الجيش ، و إن ذلك قد يستدعي استخدام العنف لضبطهم . و تم الاتفاق على عدم فتح النار إلا إذا كان خياراً أخيراً و وحيداً .

    و ناقشوا تفاصيل المطالب و طلب الطائرة لنقلهم و الأسرى إلى بلد آخر ، و حدود التنازل عن المطالب و تم تعيين يوسف نزال مسؤولاً عسكرياً عن المجموعة ، أما محمد مصالحة فتم تعيينه مسؤولاً سياسياً عنها ، بعد أن لمس أبو داود لديه ، ما يسميه نضجاً سياسياً .

    و يوم 4/9 وصل الستة الآخرون و نزلوا في فنادق متفرقة ، كان اتصالهم مع نزال و مصالحة فقط ، و لم يكونوا يعرفون عن أبي داود شيئاً ، كما اعتقد أبو داود ، الذي أكمل الاستعدادات فاشترى ملابس رياضية و جهّز آلات حادة و حبالاً و مؤونة طعام تكفي لثلاثة أيام و غير ذلك من مستلزمات العملية .

    و تم توزيع الأسلحة التي جلبت من المحطة على الحقائب و كذلك المؤونة و غير ذلك ، و التقى أبو داود مع الجميع ، و قدّمه نزال و مصالحة على أنه رجل تشيلي يدعم القضية الفلسطينية ، و تم وضعهم في صورة المهمة المنتظرة و مناقشة مزيدٍ من التفاصيل .

    و استمر اللقاء يوم 5/9 حتى الثانية و النصف فجراً ، و توجّه الجميع إلى القرية الأولمبية ، و لدى وصولهم ، و أبواب القرية مغلقة ، وصل أفراد من البعثة الأمريكية و هم ثملين ، و بدءوا في محاولة تسلق السياج ، و اختلط الفدائيون بالأمريكيين و ساعدوا بعضهم بعضاً على تسلق السياج ، بينما الجميع يضحك و يغني .

    و يذكر أبو داود هنا مفاجأة أخرى ، غير مفاجأة مساعدة الأمريكان لهم بدون أن يدرون ، فبعد أن تسلّق الرجال السياج لم يبقَ من المجموعة غير فدائي واحد ، كان كبير الحجم مثل أبو داود ، و كان الإثنان يساعدان الآخرين كنقطتي ارتكاز لرفعهم ، و الآن جاء دور هذا الفدائي لكي يستخدم أبو داود كنقطة ارتكاز لتسلقه السياج ، و بعد أن نجح في ذلك و أصبح فوق السياج شكر أبو داود ذاكراً اسمه ، و معنى ذلك أنه كان يعرف طوال الوقت هوية أبو داود ، الذي قدّم للفدائيين بأنه رجل تشيلي مؤمن بالقضية الفلسطينية .

    و فيما بعد قال أبو داود واصفاً ذلك المشهد (كان المنظر خيالياً أن ترى هؤلاء الأمريكيين ، الذين لا يشكّون بالطبع أنهم يساعدون مجموعة من فدائيي أيلول الأسود الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية ، يمدّون أياديهم هكذا يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة و يضعونها على الجهة الأخرى من السياج) .

    و في الساعة الرابعة فجراً ، غادر أبو داود مستقلاً سيارة إلى فندقه ، و أخذ يستمع إلى الراديو و يقلب المحطات ، و في الساعة الثامنة صباحاً أعلن عن نجاح خمسة مسلحين من التسلل إلى جناح البعثة الصهيونية و قتل واحداً و احتجز 13 آخرين .

    ذهب أبو داود إلى القرية الرياضية ليكون على قربٍ من الأحداث ، و كان الجميع يستمعون إلى أجهزة الراديو و الألعاب مستمرة ، و تم نقل الخاطفين مع المخطوفين إلى المطار ، حيث كان بانتظار الجميع مذبحة شاركت فيها غولدا مئير رئيسة وزراء (إسرائيل) بتعنّتها ، حيث تم مهاجمة الجميع من الكوماندوز الألماني و تم قتل كلّ الرهائن و خمسة من الفدائيين و شرطي و طيار مروحية ألمانيين .

    و هكذا انتهى أحد فصول عملية ميونخ التي أسماها الفلسطينيون عملية (أقرت و كفر برعم) على اسم القريتين المهجرتين في الجليل الفلسطيني ، الذي يعتبره كثير من الفلسطينيين ، بجماله الأخاذ ، قطعة من الجنة .. !

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06 2024, 16:38