التغييرات المناخية ستبدل وجه سويسرا في عام 2050
صورة لمنزل ريفي وإسطبل تضررا من انجراف التربة بسبب السيول يوم 23 أغسطس 2005 في بلدة شوبفهايم بكانتون لوتسرن.. وضعية يمكن أن تتكرر في العشريات القادمة في سويسرا (Keystone)
تامر أبوالعينين - برن : سويس انفو- 16 مارس 2007 .
نشرت الأكاديمية السويسرية للعلوم الطبيعية تقريرا حول سويسرا عام 2050، في ضوء التغيرات المناخية المتوقعة والمؤشرات التي تميل إلى أن حرارة الأرض ستتغير بشكل ملحوظ خلال العقود المقبلة.
ومع أن التقرير التي قدم في 14 مارس خلال مؤتمر علمي متخصص، شمل جميع المجالات الهامة وجاء دقيقا للغاية في التعامل مع المعطيات والبيانات المتوفرة لدى العلماء، إلا أنه أغفل تأثير كل هذه التغيرات المتوقعة على الإنسان.
تنقلت الدراسة من البيئة إلى الطاقة مرورا بالسياحة والتأمينات والقطاع الصحي وشكل المدن والحالة العمرانية والزراعة والتصنيع، ورصدت تأثير ارتفاع درجات الحرارة على كل هذه القطاعات وكيف ستظهر آثارها في عام 2050.
وتتوقع الدراسة أن درجة الحرارة في سويسرا سترتفع في المتوسط في حدود درجتين اثنتين مائويتين في فصول الخريف والشتاء والربيع، مع معدل تغيير يتأرجح بين درجة مائوية واحدة و5 درجات كاملة، أما في الصيف فسترتفع درجة الحرارة 3 درجات كاملة، ويتأرجح التغير فيه بين درجتين و7 درجات.
وسيؤدي هذا التغيير إلى ارتفاع معدلات هطول الأمطار بنسبة 10% في الشتاء وستتضاعف هذه النسبة في الصيف، ما يعني معدلات كبيرة من المياه تصل إلى حد السيول وبالتالي ستكون مصحوبة بإرتفاع منسوب المياه في البحيرات والأنهار، أما في الصيف فسيؤدي هذا التغيير إلى موجات من الحرارة الشديدة بشكل عام، وستكون مصحوبة بفترات من الجفاف.
الطاقة والبنية التحتية
ومن المؤكد أن هذه الصورة غير المألوفة عن الطقس في سويسرا ستنعكس بشكل أساسي على جميع مجالات الحياة، لكن اهتمام معدي الدراسة تركز بشكل أساسي على قطاعات الخدمات والبنية التحتية.
ففي مجال الطاقة مثلا، ستتراجع معدلات استهلاك الوقود للتدفئة، ويبرر البروفيسور برنار ابيشر من مركز سياسات الطاقة والإقتصاد في زيورخ ذلك "لأن عدد الأيام الشديدة البرودة ستتراجع بنسبة 15% عما هي عليه حاليا، في مقابل تزايد الإقبال على المبردات سواء للحياة اليومية أو أغراض التخزين لزيادة عدد الأيام التي سترتفع فيها درجة الحرارة بنسبة 150% مقارنة بما هي عليه الآن، ما يعني تزايد معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة تتراوح بين 6% و 10%.
وتلقي هذه النتائج بآثارها على سياسة استهلاك الطاقة، لأن تقليل الإعتماد على النفط للتفدئة سيصاحبه زيادة في الإستهلاك للحصول على الطاقة الكهربائية، ويلعب عنصر سعر النفط والمحروقات دوره هنا، إذ يشير البروفيسور آبيشر إلى أن البحث عن مصادر الطاقة البديلة سيكون محط أنظار الجميع، حرصا على تطبيق الأفكار الرامية إلى تراجع نسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وإذا كانت الأنظار تتجه إلى الطاقات البديلة، فإنه من غير المعروف إن كانت سرعة الرياح ستكون مناسبة لإستخراج الطاقة الكهربائة أم لا، فضلا عن الثروة الخشبية من الغابات، وهل ستكون أفضل للإستغلال كمصدر للطاقة أيضا.
وترى الدراسة أن هذه التغيرات ستنعكس بالتأكيد على أسلوب البناء مستقبلا، لكنها تطرح أيضا مشكلة تحديث البنايات القائمة حاليا بما يتناسب مع هذا المناخ الجديد، ويؤكد البروفيسور مارتين ياكوب أن الأنظمة المعمول بها الآن في المباني العامة لن تكون متواكبة مع هذه التغيرات المتوقعة في درجات الحرارة، لأن المعدلات المتعارف عليها ستتغير بسبب وجود الأجهزة المتعددة المنتشرة في الإدارات والمصالح العمومية والخاصة من حواسيب وطابعات وغيرها، وهو ما يتطلب دراسات جديدة حول درجات الحرارة المفترضة داخل هذه البنايات وأساليب التهوية المطلوبة وكيفية تنفيذها عمليا، مع اضافة نظم تبريد على الأرجح في بعض المجالات.
ويقول البروفيسور ياكوب، الأستاذ في معهد سياسات الطاقة والإقتصاد في زيورخ، "أن نفس المشكلة أيضا ستظهر في المساكن والبيوت ونوعيات العوازل التي يجب استخدامها بل وشكل النوافذ وتصميمها الذي يجب أن يواكب درجات الحرارة الجديدة التي ستكون أيضا مصحوبة بتغيرات في نسبة الرطوبة، وهو ما سيتطلب فلسفة جديدة في التعامل مع هذا المجال".
ويؤكد ياكوب على أن هناك حاجة ملحة للبحث عن أفضل مواد البناء تصلح لهذه الأحوال، سواء في المدن أو في المناطق الجبلية، فإذا كانت السيول والأمطار الغزيرة ستسود في فصل الصيف، فيعني هذا حسب رأيه أن الإنهيارات الجبلية سترتفع أيضا ومعها عدم ثبات التربة، أي أن هناك عوامل طبيعية غير عادية ستواجه المباني والعقارات بما في ذلك شدة حرارة أشعة الشمس وهو ما يتطلب التفكير في معالجة هذه المشاكل المستجدة.