[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية
د. علي محمد الصلابي
أولاً : الجذور التاريخية للعباسيين :
(1) العباس بن عبد المطلب بن هشام :
ينتسب العباسيون إلى العباس بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي (1) وهو عّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أسنّ من الرسول بثلاث سنين (2) وكان من أكبر رجال بني هاشم مكانة، وأكثرهم مالاً في الجاهلية (3)، فقلدوه قيادتهم، فكان رئيسهم المُطاع – بعد وفاة أبي طالب – المتوليَّ لأمورهم (4)، وكانت إليه السَّقاية والرَّفادة وعمارة المسجد الحرام (5)، فإنه كان لا يدع أحداً يُسبُّ في المسجد ولا يقول فيه هُجْراً يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعاً، لأنَّ ملأ قريش كانوا قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعواناً عليه، وأسلموا ذلك إليه (6)، وقد حضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم وشهد بدراً مع المشركين مكرها فأسر فافتدى نفسه ورجع إلى مكة، ثم أسلم وكتم إسلامه، ثم هاجر إلى المدينة قبل الفتح بقليل وشهد فتح مكة وثبت يوم حنين (7) مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجله ويقدره وقد كانت وفاته بالمدينة في رجب سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ودُفن بالبقيع (8)رضي الله عنه.
الأحاديث التي وردت في فضله ومناقبه :
(أ) ما رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن العباس مني وأنا منه" (9).
(ب) ما رواه مسلم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً، فأغناه الله وأما خالد، فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس ادراعه واعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها" ثم قال : "يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه" (10).
(ج) ومن مناقبه رضي الله عنه ثباته وشجاعته يوم حنين فقد روي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلمّا التقى المسلمون والكفار، وَلىَّ المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبل الكفار، قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكُفُّها إرادة ألاَّ تسرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أي عباس؛ ناد أصحاب السَّمُرة". فقال العباس – وكان رجلاً صَيَّتاً – فقلت : بأعلى صوتي : أين أصحاب السَّمُرة ؟ قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا : يا لبيك يا لبيك : قال : فاقتلوا والكفّار والدعوةُ في الأنصار، يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ... فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حَميَ الوطيس (11).
(د) ومما يدل على فضله رضي الله عنه ومكانته من النبي صلى الله عليه وسلم توسل عمر رضي الله عنه بدعائه :
فقد جاء في صحيح البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهمّ إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا (12)، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا فاسقنا قال: فيُسقون (13). فالعباس بن عبد المطلب جد الخلفاء العباسيين وله ينتسبون.
(2) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، وكان يقال له الحبر والبحر لاتساع علمه وكثرة فهمه وكمال عقله وسعة فضله ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين وعلم التأويل، وكان عمر رضي الله عنه يجله ويكرمه، وقد شهد رضي الله عنه مع علي الجمل وصفين، وكف بصره في آخر عمره فسكن الطائف وكانت وفاته سنة ثمان وستين من الهجرة فرضي الله عنه (14)، وقد وردت في بيان فضائله أحاديث كثيرة منها : ما رواه البخاري بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً قال من صنع هذا ؟
فأخبر فقال : اللهم فقهه في الدين (15). وقد استفاد العباسيون من انتسابهم إلى جدهم عبد الله بن عباس –حبر الأمة-، فقد سار محمد بن علي العباسي زعيم الدعوة العباسية على فقه جده الحركي، وتتلمذ على معالم مدرسته كما سيأتي بيانه وتفصيله بإذن الله تعالى. وقد ترجمت له في كتابي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ترجمة مستفيضة.
(3) على بن عبد الله بن عباس بن المطلب الإمام القانت أبو محمد الهاشمي المدني السجاد :
ولد عام قُتل الإمام علي، فتسمى باسمه، حدث عن أبيه ابن عباس، وأبي هريرة وابن عمر، وأبي سعيد وجماعة وأمه ابنة ملك كندة مشرح بن عدي وكان جسيماً وسيماً كأبيه طوالاً، مهيباً مليح اللحية يخصب بالوسمة .
وقال ابن سعد : هو ثقة قليل الحديث. قال عكرمة : قال لي ابن عباس ولابنه علي : انطلقاً إلى أبي سعيد الخُدري، فاسمعا من حديثه، فأتيناه في حائط له (16).
وقال الذهبي: القب بالسّجَّاد لكثرة صلاته (17).
كان علي بن عبد الله بن العباس أجل إخوته قدراً وأعظمهم خطراً وكان مثالاً للرجل الكامل في تمام خلقته وحسنه وورعه ونبله (18)، قال ابن سعد : كان أصغر ولد أبيه سناً وكان أجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه وأكثر صلاة وكان يقال له السجاد لعبادته وفضله وكان زاهداً متقشفاً وأثَّرَ في بنيه وحفدته، فنشأوا على هديه وسمته واقتدوا بمذهبه وسيرته، فكانوا أشهر الناس تلاوة وقياماً وصياماً وصلاحاً (19) حتى قبل فيهم : أفضت الخلافة إليهم وما في الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ولا أفضل عابداً وناسكاً منهم بالحُميمة (20)وكان عالماً له معرفة ورواية عن أبيه (21) وكان سيداً شريفاً بليغاً (22) وكان كبير المحلَّ عند أهل الحجار (23). روي هشام بن سليمان المخزومي : أن عليَّ بن عبد الله كان إذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها، ولزمت مجلس علي بن عبد الله إجلالاً له وإعظاماً وتبجيلاً، فإن قعد قعدوا وإن مشى مشوا جميعاً، ولم يكن يُرى لِقُرَشيَّ مجلس " ذِكْرٍ " يُجتمعُ إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم (24). فقد جمع علي بن عبد الله العباسي صفات الزعامة من علم وعبادة، وهيبة ومكانة في النفوس ... إلخ.
* رحلته إلى الشام :
أوصى عبد الله بن العباس ابنه علياً بإتيان الشام والتنحي عن سلطان ابن الزبير إلى سلطان عبد الملك، ولما توفي أبوه عمل بوصيته ورحل إلى الشام واستقبله عبد الملك واحتفى به، وكان يجلسه على سريره إذا دخل ويحادثه ويسامره وكان يرعاه ويهدي إليه الجواري، ويقضي حوائجه ويقبل شفاعته (25).
* سعيه للخلافة وضرب الوليد له :
علم الوليد بن عبد الملك في عهده أن علياً يطلب الخلافة ويتنبّأُ بانتقالها إلى بنيه فضيق عليه ونال منه وشهر به، ثم جلده وطرده من بلاد الشام (26) وقد تراجعت منزلة علي في عهد الوليد، وساءت حاله واضطربت وقد التمس الوليد الأسباب للانتقام منه والإضرار به فأذَّله واعتدى عليه، وجاوز القصد في ردعه ومعاقبته، فجلده مراراً ونفاه (27).
الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية
د. علي محمد الصلابي
أولاً : الجذور التاريخية للعباسيين :
(1) العباس بن عبد المطلب بن هشام :
ينتسب العباسيون إلى العباس بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي (1) وهو عّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أسنّ من الرسول بثلاث سنين (2) وكان من أكبر رجال بني هاشم مكانة، وأكثرهم مالاً في الجاهلية (3)، فقلدوه قيادتهم، فكان رئيسهم المُطاع – بعد وفاة أبي طالب – المتوليَّ لأمورهم (4)، وكانت إليه السَّقاية والرَّفادة وعمارة المسجد الحرام (5)، فإنه كان لا يدع أحداً يُسبُّ في المسجد ولا يقول فيه هُجْراً يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعاً، لأنَّ ملأ قريش كانوا قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعواناً عليه، وأسلموا ذلك إليه (6)، وقد حضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم وشهد بدراً مع المشركين مكرها فأسر فافتدى نفسه ورجع إلى مكة، ثم أسلم وكتم إسلامه، ثم هاجر إلى المدينة قبل الفتح بقليل وشهد فتح مكة وثبت يوم حنين (7) مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجله ويقدره وقد كانت وفاته بالمدينة في رجب سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ودُفن بالبقيع (8)رضي الله عنه.
الأحاديث التي وردت في فضله ومناقبه :
(أ) ما رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن العباس مني وأنا منه" (9).
(ب) ما رواه مسلم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً، فأغناه الله وأما خالد، فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس ادراعه واعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها" ثم قال : "يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه" (10).
(ج) ومن مناقبه رضي الله عنه ثباته وشجاعته يوم حنين فقد روي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلمّا التقى المسلمون والكفار، وَلىَّ المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبل الكفار، قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكُفُّها إرادة ألاَّ تسرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أي عباس؛ ناد أصحاب السَّمُرة". فقال العباس – وكان رجلاً صَيَّتاً – فقلت : بأعلى صوتي : أين أصحاب السَّمُرة ؟ قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا : يا لبيك يا لبيك : قال : فاقتلوا والكفّار والدعوةُ في الأنصار، يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ... فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حَميَ الوطيس (11).
(د) ومما يدل على فضله رضي الله عنه ومكانته من النبي صلى الله عليه وسلم توسل عمر رضي الله عنه بدعائه :
فقد جاء في صحيح البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهمّ إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا (12)، وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا فاسقنا قال: فيُسقون (13). فالعباس بن عبد المطلب جد الخلفاء العباسيين وله ينتسبون.
(2) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، وكان يقال له الحبر والبحر لاتساع علمه وكثرة فهمه وكمال عقله وسعة فضله ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين وعلم التأويل، وكان عمر رضي الله عنه يجله ويكرمه، وقد شهد رضي الله عنه مع علي الجمل وصفين، وكف بصره في آخر عمره فسكن الطائف وكانت وفاته سنة ثمان وستين من الهجرة فرضي الله عنه (14)، وقد وردت في بيان فضائله أحاديث كثيرة منها : ما رواه البخاري بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً قال من صنع هذا ؟
فأخبر فقال : اللهم فقهه في الدين (15). وقد استفاد العباسيون من انتسابهم إلى جدهم عبد الله بن عباس –حبر الأمة-، فقد سار محمد بن علي العباسي زعيم الدعوة العباسية على فقه جده الحركي، وتتلمذ على معالم مدرسته كما سيأتي بيانه وتفصيله بإذن الله تعالى. وقد ترجمت له في كتابي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ترجمة مستفيضة.
(3) على بن عبد الله بن عباس بن المطلب الإمام القانت أبو محمد الهاشمي المدني السجاد :
ولد عام قُتل الإمام علي، فتسمى باسمه، حدث عن أبيه ابن عباس، وأبي هريرة وابن عمر، وأبي سعيد وجماعة وأمه ابنة ملك كندة مشرح بن عدي وكان جسيماً وسيماً كأبيه طوالاً، مهيباً مليح اللحية يخصب بالوسمة .
وقال ابن سعد : هو ثقة قليل الحديث. قال عكرمة : قال لي ابن عباس ولابنه علي : انطلقاً إلى أبي سعيد الخُدري، فاسمعا من حديثه، فأتيناه في حائط له (16).
وقال الذهبي: القب بالسّجَّاد لكثرة صلاته (17).
كان علي بن عبد الله بن العباس أجل إخوته قدراً وأعظمهم خطراً وكان مثالاً للرجل الكامل في تمام خلقته وحسنه وورعه ونبله (18)، قال ابن سعد : كان أصغر ولد أبيه سناً وكان أجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه وأكثر صلاة وكان يقال له السجاد لعبادته وفضله وكان زاهداً متقشفاً وأثَّرَ في بنيه وحفدته، فنشأوا على هديه وسمته واقتدوا بمذهبه وسيرته، فكانوا أشهر الناس تلاوة وقياماً وصياماً وصلاحاً (19) حتى قبل فيهم : أفضت الخلافة إليهم وما في الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ولا أفضل عابداً وناسكاً منهم بالحُميمة (20)وكان عالماً له معرفة ورواية عن أبيه (21) وكان سيداً شريفاً بليغاً (22) وكان كبير المحلَّ عند أهل الحجار (23). روي هشام بن سليمان المخزومي : أن عليَّ بن عبد الله كان إذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها، ولزمت مجلس علي بن عبد الله إجلالاً له وإعظاماً وتبجيلاً، فإن قعد قعدوا وإن مشى مشوا جميعاً، ولم يكن يُرى لِقُرَشيَّ مجلس " ذِكْرٍ " يُجتمعُ إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم (24). فقد جمع علي بن عبد الله العباسي صفات الزعامة من علم وعبادة، وهيبة ومكانة في النفوس ... إلخ.
* رحلته إلى الشام :
أوصى عبد الله بن العباس ابنه علياً بإتيان الشام والتنحي عن سلطان ابن الزبير إلى سلطان عبد الملك، ولما توفي أبوه عمل بوصيته ورحل إلى الشام واستقبله عبد الملك واحتفى به، وكان يجلسه على سريره إذا دخل ويحادثه ويسامره وكان يرعاه ويهدي إليه الجواري، ويقضي حوائجه ويقبل شفاعته (25).
* سعيه للخلافة وضرب الوليد له :
علم الوليد بن عبد الملك في عهده أن علياً يطلب الخلافة ويتنبّأُ بانتقالها إلى بنيه فضيق عليه ونال منه وشهر به، ثم جلده وطرده من بلاد الشام (26) وقد تراجعت منزلة علي في عهد الوليد، وساءت حاله واضطربت وقد التمس الوليد الأسباب للانتقام منه والإضرار به فأذَّله واعتدى عليه، وجاوز القصد في ردعه ومعاقبته، فجلده مراراً ونفاه (27).